الإمارات وأول مسابقة ثقافية سنة 1970
د.سيد علي إسماعيل
ــــــــــــــ
عرف العرب منذ الجاهلية معنى المسابقة الأدبية، لا سيما منافسة الشعراء في سوق عكاظ. والمسابقة الأدبية يلزم لها الإعلان في وسائل الإعلام، وما كان سوق عكاظ إلا أكبر وسيلة إعلام عرفها العرب قديماً. وفي العصر الحديث أصبحت الدوريات (الصحف والمجلات)، أول وأهم وسيلة إعلام عرفها العالم العربي في القرن التاسع عشر. ومع ظهور الدوريات الأدبية - مثل: وادي النيل، وروضة المدارس المصرية، والهلال في مصر، والجنان، والجنة، والمقتطف في لبنان، وغير ذلك من الدوريات في معظم البلدان العربية - بدأت المسابقات في الانتشار، وبدأ قُراء الصحف يتنافسون حول كل مسابقة، سعياً في الفوز بالجائزة، أو اكتساب الشهرة بنشر مشاركاتهم وأسمائهم في الجريدة ضمن الفائزين.
[توضع هنا صور: 24، 25، 26 ]
السبق كان كويتياً
أما على مستوى دول الخليج العربي، فربما كانت مجلة الكويت – لصاحبها عبد العزيز الرشيد – أول دورية خليجية تنشر مسابقة شعرية بين طلاب مدارس الكويت والبحرين عام 1928م. وهذه المسابقة كانت تدور حول تحويل الذم في الشعر إلى مدح، وتحويل المدح إلى ذم! فمثلاً قول اليازجي مادحاً:
حلموا فما ساءت لهم شيم سمحوا فما شحت لهم منن
من الممكن تحويل هذا المدح إلى ذم، إذا كُتب البيت من آخره إلى أوله، هكذا:
منن لهم شحت فما سمحوا شيم لهم ساءت فما حلموا
أما أبيات المسابقة الشعرية، التي نشرتها مجلة الكويت في عددها الثاني، فهي:
منزلتي أحمد عظمهــا وكم وكم بدا له معظــم
ذو منة إحسانه بعلمكــم لعلمه بفضله متمــــم
يا نصرتي أتاكم منتصفـاً لتنصفوا محبكم مهتضـم
مدرستي تغيرت في مدتي عوائد وأخروا وقدمــوا
يا ضيعتي بينهم تعصـبوا جماعة يا ضيعتي بينـهم
وأعلنت المجلة أن المسابقة متاحة لجميع القُراء وبالأخص تلامذة مدارس الكويت والبحرين، وطلبت منهم معرفة اسم الشاعر، وقلب كلمات الأبيات، على غرار بيت اليازجي مع تغيير ما يلزم. واختتمت المجلة مسابقتها بالقول: " ستقدم إدارة المجلة لمن يسدد في جوابه كتاباً جائزة، على شرط أن يكون الجواب باللغة الفصحى، وأن يكون مما يُحسن نشره على صفحات الكويت ".
ويُحسب لهذه المسابقة حفاظها على اللغة الفصحى، واهتمامها بطلاب مدارس الكويت والبحرين، دلالة على انتشار التعليم والمدارس الرسمية بهذين البلدين. وربما لأن هذه أول مسابقة من نوعها، وقعت المجلة في عدة مزالق، منها: أنها لم تنشر الردود الواردة إليها من القُراء أو الطلاب، ولم تحدد الفائز، ولم تنشر أية أخبار عن هذه المسابقة فيما بعد، وكأنها لم تكن! وبعد مرور شهرين، طوَّرت المجلة من أسلوبها في إقامة المسابقات، حيث نشرت مسابقة ثانية، تمثلت في طرح ثلاثة أسئلة، هي:
1 – أي العقيدتين تُنصر في هذا العالم: أعقيدة التدين أو الإلحاد، وما هي الأسباب التي ترجح بها أحد الرأيين على الآخر، وهل في فسد الإلحاد صلاح للعالم أم هدم لنظامه؟
2 – هل سيتم الغلبة لدعاة السفور في جميع الأقطار كما هو في أوروبا وأمريكا أم له حد يقف عنده في الأقطار الشرقية لدواعي لا توجد في هاتيك الجهات؟
3 – هل يُحسن بالشرق أن يقلد الغرب بكل ما جاء به وأخذه على علاته أم هناك أمور يجب عليه أن يتباعد عنها؟ اذكر رأيك مع بيان العلل والأسباب.
واختتمت المجلة طرح هذه المسابقة، بقولها: " نوجه هذه الأسئلة إلى القراء الكرام على اختلاف طبقاتهم وقد رصدت إدارة المجلة كُتباً لا تقل قيمتها عن عشرين رُبية تقدمها جائزة لمن يصيب الهدف في جوابه، وستؤلف لجنة خاصة للحكم بين المجيبين ". وربما يندهش القارئ من أسئلة هذه المسابقة وجدوى طرحها على قُراء المجلة عام 1928! والحقيقة أن أسئلة هذه المسابقة صيغت بذكاء شديد، لأن من يتصدى للإجابة عليها – في هذا الوقت – كان لزاماً عليه قراءة جميع أعداد المجلة السابقة – وبالتالي شراء هذه الأعداد - لأن أغلب الموضوعات المنشورة في هذه الأعداد، تحمل الإجابات المطلوبة في المسابقة.
فعلى سبيل المثال، اشتمل العدد الأول من المجلة على موضوعات: الدين .. مزاياه وكونه ضرورياً، وردّ الشبهات على الدين .. بطلان دعوى تناقض القرآن ومخالفة بعض آياته للواقع، والأخلاق معناها وأهميتها. والعدد الثاني اشتمل على: الدين حكمة التشريع، والطبيعيون أو الماديون، والبراهين على وجود الإله، والملحدون والأديان، ونعي المفكرين على المجددين تطرفهم، ومساوئ الجديد سفور المرأة ... إلخ.
[توضع هنا صورة: 23 ]
وفي عام 1963 كانت دولة الكويت أيضاً على موعد مع أول مسابقة خليجية في مجال التأليف المسرحي. ففي يوم 17/2/1963 نشرت الجريدة الرسمية بالكويت إعلاناً، جاء فيه: "تحقيقاً للتخطيط الذي وضعته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بشأن تدعيم المسرح الكويتي الناشئ وتطويره، وذلك من ناحية إيجاد مسرحيات تكتبها أقلام كويتية وتعالج شؤون الحياة بالكويت، في مشكلات الأسرة، وقضايا المجتمع. واستجابة لما يبديه الجمهور من اهتمام بهذه المشكلات ابتغاء إيجاد حلول لها، تُعلن الوزارة عن إقامة مباراة في التأليف المسرحي بين الأدباء الكويتيين والعرب المقيمين بالكويت .... إلخ". وانتهت هذه المسابقة بفوز ثلاث مسرحيات، هي: عنده شهادة لعبد العزيز السُريع، وأشرق الفجر لحسن يعقوب العلي، وموعد مع عزرائيل لجعفر المؤمن. ومن الجدير بالذكر إن مؤلفي هذه المسرحيات أصبحوا فيما بعد من رواد الحركة المسرحية في الكويت. وهكذا يتضح أن الكويت لها السبق في إجراء أول مسابقة في الشعر والأسئلة العامة عام 1928، وفي التأليف المسرحي عام 1963.
[توضع هنا صورة: 22 ]
أول مسابقة ثقافية خليجية
على الرغم من كون الكويت لها السبق في إجراء المسابقات المحلية، إلا أن دولة الإمارات تُعتبر أول من أعلن في صحفها عن أول مسابقة ثقافية كبرى في منطقة الخليج العربي عام 1970م. فمن المعروف أن العدد الأول من جريدة (الخليج) الإماراتية صدر في الشارقة يوم 19/10/1970، وبعد شهرين – تقريباً - وتحديداً يوم 16/12/1970، أعلنت الجريدة في عددها التاسع والستين عن (مسابقة الخليج الثقافية الأولى)، تشجيعاً للطلائع من شباب الخليج، وخصصت جوائز تشجيعية قيمتها 1500 دينار كويتي، مساهمة منها في تنمية الإنتاج الأدبي والثقافي في مختلف مجالات الفن والفكر. وشكلت عدة لجان متخصصة من الأساتذة وكبار الأدباء والفنانين للإشراف على هذه المسابقة. وإعلان المسابقة المنشور، حدد مجالات الفكر والفن بـ: الشعر، والقصة القصيرة، والبحث العلمي، والفنون التصويرية. والمجال الأخير تم تقسيمه إلى: التصوير الفوتوغرافي، والتصوير بالفحم والحبر الشيني، والتصوير الكاريكاتوري.
[توضع هنا صورة: 1 أو 2 ]
أما معايير وشروط المسابقة، فكانت مختلفة تبعاً لمجال المنافسة. ففي مجال الشعر، يستطيع المتنافس أن يرسل إلى الجريدة نتاجه الشعري - التقليدي أو الحديث – ومن ثم تنشر الجريدة قصائده، فيقوم القُراء بترشيح القصيدة الفائزة، ثم تحدد الجريدة العشر قصائد التي فازت بأكبر عدد من الأصوات وتعرضها على لجنة تحكيم من كبار الشعراء العرب لاختيار القصيدة الأولى، وخصصت لها مكافأة مالية مقدارها 100 دينار كويتي، والقصيدة الثانية 50 ديناراً، وبقية القصائد العشر كل منها 30 ديناراً كويتياً. والأمر نفسه تمّ بالنسبة لمجال القصة القصيرة، شريطة ألا تزيد القصة عن ألف كلمة ولا تقل عن 500.
أما مجال البحث العلمي فتمّ تحديد الموضوعات الواجب تناولها في البحوث، وهي: اتحاد إمارات الخليج، وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي، والشخصية الإسلامية، وبحث علمي حول إمارة من الإمارات التسع؛ بحيث لا يزيد البحث عن ألفي كلمى ولا يقلّ عن ألف كلمة، وسيسهم القُراء في اختيار الأبحاث، ومن ثم تعرض على لجنة من الأساتذة لاختيار الأبحاث الأربعة الأولى، وخصص لكل بحث فائز جائزة مقدارها 50 ديناراً.
وبالنسبة لمجال الفنون التصويرية، فتم تحديد الصور الفوتوغرافية والرسم بالفحم والحبر الشيني للصور الخليجية المتعلقة بالطبيعة والمجتمع، أما الرسم الكاريكاتوري فتم تخصيصه للجانبين السياسي والاجتماعي من خلال تصوير أحداث الخليج ومشاكله. والصور الفوتوغرافية الأربع الفائزة ستفوز كل صورة بـ30 ديناراً، والأربع لوحات المرسومة بالفحم والحبر الشيني ستفوز كل واحدة بـ50 ديناراً، والرسومات الكاريكاتورية العشر ستفوز كل واحدة بـ20 ديناراً كويتياً.
والمُلاحظ على هذه المسابقة، أنها جمعت أكثر من مجال للمنافسة، مما أعطاها طابع الشمول. فإذا كانت مجلة الكويت أقامت مسابقة محدودة بين طلاب مدارس الكويت والبحرين في الشعر عام 1928، وأقامت أيضاَ – في العام نفسه – مسابقة محدودة لقرائها حول أسئلة عامة، تتعلق بالموضوعات المنشورة في المجلة، وأخيراً أقامت الكويت مسابقة محلية في التأليف المسرحي عام 1963 كانت قاصرة على الكويتيين فقط، فإن جريدة الخليج الإماراتية استطاعت أن تعقد مسابقة عامة لشباب الخليج في مجالات مختلفة، فاستحقت دولة الإمارات بذلك أن تكون صاحبة أول مسابقة ثقافية كبرى في تاريخ دول الخليج العربي.
ومن الجدير بالذكر، إن المسابقة تركت المجال مفتوحاً في مجال الشعر بالنسبة للمتسابق، بحيث يستطيع التقدم بقصائده سواء كانت تقليدية أو حديثة. وهذا يعني أن المجال مفتوح أمامه سواء كان يقرض الشعر العمودي أو شعر التفعيلة، وهذا الأمر يعكس مدى اهتمام الجريدة بالمزج بين التراث والمعاصرة، لأن في هذه الفترة كان الصراع قائماً بين أنصار الشعر العمودي (التقليدي) وبين أنصار شعر التفعيلة (الحديث).
وقد وُفقت الجريدة توفيقاً كبيراً – من خلال المسابقة – في اختيارها لموضوعات مجال البحث العلمي. فالموضوع الأول كان حول (اتحاد إمارات الخليج)! وربما يتعجب القارئ من طرح هذا الموضوع، لأن المعروف أن الإعلان عن اتحاد الإمارات – أو دولة الإمارات العربية المتحدة - تمّ يوم 18/7/1971، فكيف تطرح الجريدة موضوع الاتحاد للبحث قبل الإعلان عنه رسمياً بثمانية شهور؟! والحقيقة أن مساعي هذا الاتحاد بدأت في يناير 1968، وظلت مستمرة حتى إعلان الاتحاد في يولية 1971، وهذا يعني أن الجريدة – ربما – أرادت المساهمة في دفع مساعي الاتحاد إلى الأمام قبل الإعلان عنه، أو استجلاء آراء الباحثين – أو الجمهور – حول هذا الاتحاد، أو نشر أفكار ورؤى الباحثين – والجمهور – حول اتحاد إمارات الخليج.
كذلك الأمر بالنسبة للموضوع الثاني في المسابقة – في مجال البحث – حول (إمارة من الإمارات التسع)! وربما يظن القارئ أن خطأً مطبعياً حدث، لأن المعروف أن الإمارات سبع فقط. والحقيقة أن اتحاد إمارات الخليج عندما بدأت مساعيه، كان اتحاداً للإمارات التسع، باشتراك قطر والبحرين للإمارات السبع المعروفة، ولظروف - لا مجال للحديث عنها هنا – تم الإعلان عن اتحاد الإمارات السبع. وما يهمنا في هذا المقام، أن جريدة الخليج أرادت فتح المجال بين الباحثين عن الكتابة حول إحدى هذه الإمارات التسع، وكأن اتحاد الإمارات التسع ماثل للعيان، أو كأنه حلم وأصبح – وقت المسابقة – حقيقة.
وإذا نظرنا إلى الموضوع الثالث في مجال الإبحاث، سنجد الجريدة حددته بـ(طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي)، وهذا يعني أن الجريدة أرادت أن تدلي بدلوها في هذا الصراع، مشجعة قُراءها للكتابة حول هذه القضية لتظل حية في وجداننا، وماثلة أمام الأجيال في المستقبل. هذا بالإضافة إلى انتقال الجريدة من الاهتمام المحلي في موضوعيها السابقين، إلى الاهتمام الأكبر وهو الاهتمام العربي. كذلك الأمر بالنسبة للموضوع الأخير – في مجال الأبحاث – وهو الكتابة عن (شخصية إسلامية)، ومن خلاله انتقلت الجريدة من الاهتمام العربي الأكبر إلى الاهتمام الإسلامي الأوسع. وبذلك رسمت الجريدة رؤيتها المستقبلية – في أول أعوام إصدارها – من خلال اهتمامها المحلي ثم العربي ثم الإسلامي.
وإذا نظرنا إلى مجالات الفنون التصويرية - الفوتوغرافية، والرسم بالفحم والحبر الشيني، والرسم الكاريكاتوري – سنجد الجريدة تجرأت جرأة كبيرة في طرحها، خصوصاً تحديدها بأن الصور – الفوتوغرافية والرسم – يجب أن تمثل الجانبين: الاجتماعي، والطبيعي! وربما الجانب الطبيعي يكون مقبولاً، عندما يقوم الشاب الخليجي بتصوير أو رسم الصحراء أو السماء أو الجبال أو ....إلخ، أما تصوير الجانب الاجتماعي من عادات وتقاليد تظهر فيها الأسرة بما فيها الأم أو الزوجة أو الابنة أو الأخت .. إلخ، فهذا أمر غير مستساغ خليجياً في عام 1970، وحتى الآن!! كذلك الأمر بالنسبة للرسم الكاريكاتوري الذي حددته المسابقة في الجانبين: السياسي، والاجتماعي! والمعروف أن السياسة من الأمور الممنوع الخوض فيها عن طريق السخرية والتهكم بالرسم الكاريكاتوري في هذا الوقت. ومهما يكن من أمر الجرأة في طرح مثل هذه الموضوعات، إلا أنها تعكس مدى حرية الرأي والديمقراطية التي كانت منتشرة في الإمارات، وقت الإعلان عن هذه المسابقة.
مسيرة المسابقة
ظلت جريدة الخليج الإماراتية تنشر إعلان المسابقة من ديسمبر 1970 إلى مارس 1971. وربما لم تستقبل عدداً من المشاركات المتوقعة، لأنها لم تحدد في الإعلان موعداً نهائياً لتلقي مشاركات المتسابقين. وعندما فطنت لذلك، أعلنت في عددها الصادر يوم 12/5/1971، بأن آخر موعد لقبول المشاركات هو الخامس عشر من مايو 1971، على أن تبدأ في نشر الموضوعات من أول يونية 1971. وجاء أول يونية ولم نجد شيئاً في الجريدة، أما اليوم الثاني فقد نشرت الجريدة تعليقات مفادها، أن بعض المشاركين لم يلتزموا بالموعد المحدد لإرسال المشاركات، وأن أغلب المشاركات المقبولة كانت في الشعر والقصة القصيرة، وكان الإقبال على البحث العلمي والفنون التصويرية ضعيفاً جداً! كما رأت الجريدة أن تنشر أسماء المشاركين قبل أن تنشر أعمالهم، فبدأت في نشر أسماء المشاركين في القصة القصيرة والبالغ عددهم 103. وفي اليوم التالي نشرت أسماء المشاركين في بقية المجالات، ففي مجال الشعر نشرت أسماء 109، وفي مجال البحث العلمي نشرت أسماء 13، وفي مجال الفنون التصويرية نشرت أسماء 11.
[توضع هنا صورة: 3 أو 4 ]
[توضع هنا صورة: 5 أو 6 ]
ورغم أن المسابقة – منذ بدايتها – حددت أن المشاركين من بين شباب الخليج، إلا أنها نشرت أسماءً – من الجنسين - من جميع البلدان العربية، وقبلت أعمالهم ضمن المسابقة، لتدل بعملها هذا على رؤيتها الكلية في القومية العربية، باعتبار الوطن العربي كتلة واحدة. ولكن ما يهمنا في هذا الصدد، هو أسماء بعض الخليجيين المشاركين – من الرجال والنساء - في هذه المسابقة، باعتبارهم النواة الأولى التي – ربما – أفرزت رواداً في مجالات المسابقة، أو التي مهدت الطريق للفكر الخليجي وفنه، أو التي أصبحت ذا بصمة واضحة في تاريخ الفكر الخليجي وفنونه المتنوعة.
ففي مجال الفنون التصويرية، شارك كل من: عقيل عبد الله عمر، وفتحي الجرار (الشارقة)، بدر سالم البدر (قطر)، جاسم محمد حسين (الكويت). وفي مجال البحث العلمي، شارك كل من: جهاد عبد القادر صالح المقدادي (الشارقة)، عبد المنعم سيد رزق (رأس الخيمة)، محمد ناصر محمد العلوي، ولطيف وحيد مطلق، وجاسم محمد حسين (الكويت)، وفي مجال الشعر شارك كل من: جهاد عبد العزيز صالح المقدادي، وزين العابدين حسين، وعبد الله عثمان إبراهيم (الشارقة)، إبراهيم إسماعيل زايد (دبي)، كمال سلمان السلمان (عجمان)، عبد القادر عبد السلام الجيلاني، وحسن التميمي، وفهد محمد ناصر، ومبارك جاسر الناصر، ومحمد أحمد محمد السنان، وأحمد عبد الله فارس، وصالح خميس شعيب (الكويت)، عبده أحمد قاسم اليماني، وعبد اللطيف إبراهيم الجيهان، وعبد الرحمن يوسف الذبيان (السعودية). كما شاركت المرأة الخليجية بقصائد لها، أمثال: ملك م.ع.ج (الشارقة)، وردان (السعودية)، مريم أ.ع، وسميرة م، وماجدة ف.ح.ح (الكويت).
القصة القصيرة
وفي مجال القصة القصيرة، شارك شباب الخليج بإبداعهم القصصي، ونشرت الجريدة أسماء المشاركين - في عدد 2/6/1971- ومنهم: فتحي الجرار، وجهاد عبد العزيز صالح، وبدر أحمد النجار، وعبد الرحمن أحمد محمد (الشارقة)، جورج نيكولا، وإبراهيم إسماعيل زايد، وعدنان خليل شعبي (دبي)، سليمان عبد الله السليمان، وعلي محمد راشد (رأس الخيمة)، كمال سلمان السلمان (عجمان)، فريد على مهدي (البحرين)، خلفان سلطان فرحان، وعبد الكريم السنيد، وفؤاد الشوملي، وجابر مشاري، ويوسف محمد البداح، وجابر جمعة عواد، وحمد عليوان (الكويت)، عبد المحسن المطلق، وناصر أحمد البرنو، ودرويش مصطفى النبريصي (السعودية). أما أسماء النساء الخليجيات المشاركات، فمنهن: بدرية ح.ع (الشارقة)، ومديحة ص.م، وسميرة س.ب (الكويت).
[توضع هنا صورة: 7 أو 8 ]
وبعد نشر الأسماء وعدت الجريدة بنشر الأعمال المتنافسة، وحثت القراء على إرسال رأيهم في هذه الأعمال والتصويت عليها من أجل قيام اللجنة المختصة باختيار الفائزين. والأعمال التي بدأت الجريدة في نشرها، كانت القصص القصيرة. وقبل البدء في نشرها كتبت الجريدة انطباعات أولية عنها، حيث لاحظت أن أغلب القصص " عاطفية ومثالية، وتحمل أفكاراً وحوادث مطروقة من قبل وبشكل مُمل. هذا بالإضافة إلى القصص الحماسية التي يغلب عليها الطابع الخطابي بنبراته الحادة. ويتسم بعضها بالانفعال والسطحية في التطرق للفكرة".
كما لاحظت الجريدة أن أغلب القصص تدور حول مشاكل الشباب في المستقبل، وكان التطرق إلى هذه المشاكل بصورة سطحية مما يدل "على عدم امتلاك الشباب للرؤيا الواضحة التي تمكنهم من فهم الواقع والتعامل معه من أجل تطويره أو تغييره". ورغم ذلك أثنت الجريدة على بعض الأعمال القصصية – دون تسميتها – لما فيها من ظهور بدايات الموهبة، ولما تحمله من إمكانيات خفية، تحتاج إلى الرعاية والتبني لتكون بداية لظهور المبدعين.
أول قصة قصيرة نشرتها الجريدة – تبعاً لما بين يدي من أعداد - كانت (المقبرة) من تأليف رياض عصمت يوم 4/6/1971. ومؤلفها شاب سوري حديث التخرج من جامعة دمشق. وربما كانت هذه القصة بداية كتاباته القصصية. ويشاء القدر أن يصبح هذا الشاب فيما بعد من رواد الكتابة القصصية في سورية، بل وأصبح من النقاد الكبار، ويُشار إليه بالبنان حالياً، حيث حصل على الدكتوراه من أمريكا، وله ست مجموعات قصصية مطبوعة. فهل يا تُرى سبب نبوغه، كان تشجيع جريدة الخليج الإماراتية له، بشرها قصته القصيرة الأولى عام 1970، عندما توسمت فيه النبوغ القصصي؟!
[توضع هنا صورة: 15 أو 27 ]
أما أول قصة خليجية منشورة - في الجريدة يوم 5/6/1971 - فكانت (طريق السعادة) لعدنان خليل شعبي من دبي، ونُشرت بجوارها قصة (القتيل والزجاج المكسور) لحسن الميمي من سورية. وتوقفت الجريدة عن نشر القصص لمدة شهر تقريباً، ثم عادت يوم 6/7/1971، فنشرت قصة (هو الإنسان) للشاب أحمد الزعبي من الأردن. ويشاء القدر أن أتعرف على هذا المؤلف بعد خمسة وثلاثين سنة – من نشر قصته هذه – وعندما حدثته عنها، وجدته يتذكرها، ولكنه لم يعلم بنشرها، ورغم ذلك أقرّ بأن هذه القصة كانت أول قصة يكتبها، وكانت الدافع الأول له في الكتابة القصصية. وأحمد الزعبي الآن من كُتاب القصة القصيرة المرموقين في الأردن، وهو أيضاً من النقاد القلائل في مجال النقد القصصي، ويشغل حالياً منصب رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الإمارات، وله الكثير من المجموعات القصصية القصيرة.
[توضع هنا صورة: 16 أو 17 ]
[توضع هنا صورة: 9 أو 10 ]
[توضع هنا صورة: 18 أو 19 ]
ثم توالت – بعد ذلك - القصص المنشورة في الجريدة، حيث نجد قصة (شجرة الرولة) لفتحي جرار من الشارقة، تُنشر يوم 14/7/1971، وقصة (صبية في الرابعة عشر) لجورج نيكولا من دبي، تُنشر يوم 26/7/1971، وأخيراً قصة (لقد قتلوها .. أجل قتلوها) لإبراهيم إسماعيل زايد من دبي، تُنشر يوم 30/7/1971.
[توضع هنا صورة: 11 أو 12 ]
[توضع هنا صورة: 20 أو 21 ]
[توضع هنا صورة: 13 أو 14 ]
بعد هذا التاريخ لم تسعفنا أعداد الجريدة - المتاحة بين أيدينا – لمعرفة المواد الأخرى المنشورة من القصص القصيرة أو القصائد أو الأبحاث أو الفنون التصويرية. وهناك احتمال بأن الجريدة توقفت عن نشر هذه المواد، ربما بسبب اهتمامها بإعلان اتحاد إمارات الخليج، الذي أُعلن في هذا الوقت، أو ربما لأسباب أخرى لا نعلمها. وهناك احتمال ضئيل بأن الجريدة نشرت هذه الأعمال على فترات متفاوتة زمنياً، فلم نستطع الوقوف عليها، خصوصاً وأننا لم نستطع الاطلاع على جميع أعداد الجريدة بعد إعلان الاتحاد. وربما يهتم بهذا الأمر أحد الباحثين، وينجح في العثور على بقية المواد المنشورة، أو يستطيع الحصول عليها من أرشيف الجريدة، في حالة عدم نشرها. ولو نجح هذا الباحث في هذا الأمر، سيحصل على كنز أدبي وعلمي يؤرخ لبداية الحركة الأدبية والفكرية والفنية في دولة الإمارات، خصوصاً وأن بدر عبد الملك في كتابه (القصة القصيرة والصوت النسائي في دولة الإمارات) يؤرخ لبداية القصة القصيرة في الإمارات، بنشر شيخة الناخي قصتها (الرحيل) سنة 1970، وهو عام بداية المسابقة. أما قول الدكتور وليد محمود خالص في كتابه (الأدب في الخليج العربي): إن عام 1979 " كان البداية الحقيقية لنشوء فن القصة الحديثة في الإمارات " ! فهذا القول من الممكن تفنيده بناءً على قصص المسابقة المنشورة من قبل الإماراتيين، ومن الممكن مخالفته في حالة الحصول على بقية القصص التي لم تُنشر في الجريدة.
ومهما يكن من أمر استمرار الجريدة في نشر مواد المسابقة أو عدم نشرها، فإن المهم في هذا الصدد أن جريدة الخليج الإماراتية نجحت في إقامة أول مسابقة ثقافية كبرى في منطقة الخليج، واستطاعت أن تشجع الموهوبين من الشباب، سواء كانوا من الخليج أو من البلدان العربية الأخرى. كما أنها دلت بهذه المسابقة أنها تسعى لتدعيم سياستها المبنية على محاور ثلاثة، الأول محلي خليجي، والثاني عربي قومي، والأخير إسلامي عام. هذا بالإضافة إلى أن جريدة الخليج بعقدها لهذه المسابقة، أثبتت بالدليل القاطع أن إمارة الشارقة تستحق بالفعل أن تكون عاصمة الإمارات الثقافية، لأنها كانت هكذا بالفعل قبل قيام الاتحاد.
أصل الموضوع
شركة تنظيف بالرياض
ردحذفشركة عزل خزانات بالدمام
شركة الصفرات لمكافحة الحشرات بالرياض
شركة تنظيف مسابح بالرياض
شركة تسليك مجارى بالرياض