الجمعة، 9 سبتمبر 2011

الحكاية الخرافية في بادية الإمارات

الحكاية الخرافية في بادية الإمارات

د. سيد علي إسماعيل

ــــــــــــــــــ



   الخُرافَة هي الحديث المستملح من الكذب ([1]). وخرافة هو اسم رجل من بني عذرة استهوته الجن كما تزعم العرب، فلما رجع أخبر بما رأى منها فكذبوه، حتى قالوا لما لا يُصدق حديث خرافة ([2]). ويقول ابن النديم في كتابه الفهرست: ’’أول من صنف الخرافات، وجعل لها كتباً، وأودعها الخزائن، وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان، الفُرْسُ الأُوَل، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس، ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية، ونقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء والبلغاء فهذبوه ونمقوه، وصنفوا في معناه ما يشبهه، فأول كتاب عمل في هذا المعنى: كتاب هزار أفسان، ومعناه ألف خرافة‘‘([3]). أي كتاب ألف ليلة وليلة المشهور.

   والحكاية الخرافية أو (الخرّوفة) كما يُطلق عليها في المجتمع الإماراتي، نوع أدبي يدخل ضمن نطاق التراث الشعبي. وقد انتشر هذا اللون الأدبي في بادية الإمارات، معبراً عن أحلام وآمال البدوي، وكذلك عن عالمه الخيالي، الذي تمنى أن يعيشه أو يعايشه. وعلى الرغم من ذلك، فإن البدوي أضفى على هذه الحكايات، من خلال الشعور الجمعي وما ترسب داخله من تراث أصيل وماض عريق، بعضاً من بيئته البدوية وتراثه العربي وتقاليد قبيلته الأصيلة. وذلك حتى تتشكل الحكاية في روايتها، وتتناسب مع منطق وبيئة وتراث البادية. فعلى الرغم من أن الحكاية الخرافية، لا يعلم راويها الأصلي، إلا إنها منتشرة في جميع المجتمعات العالمية، وكل مجتمع يرويها بما يتناسب مع عاداته وتقاليده.

   وفي بادية الإمارات، نجد الحكاية الخرافية الواحدة تُروى بأكثر من طريقة، تبعاً لاختلاف القبائل واختلاف عاداتها وأماكن تواجدها، ونظرتها إلى أدق الأمور والتفاصيل. ويصل الأمر إلى أن الحكاية الخرافية العالمية، تتحول إلى حكاية عربية بدوية تتناسب مع طبيعة البدو، من حيث العادات والتقاليد، رغم كون أصل الحكاية فرعونياً أو إغريقياً أو ألمانياً.

   وهذه الدراسة تهدف إلى نشر بعض الحكايات الخرافية، المنتشرة في بعض الأماكن من دولة الإمارات العربية المتحدة، ودراستها وتتبع مصادر رموزها وشخصياتها، ومدى ارتباطها بعادات وتقاليد البادية الإماراتية. ومعظم هذه الحكايات، لم يسبق نشرها من قبل، حيث تمّ جمعها من قبل بعض طالبات جامعة الإمارات، نقلاً عن كبار السن في عائلاتهن ([4]).

    والحكايات المجموعة هنا، والبالغ عددها سبع عشرة قصة، جُمعت في باديء الأمر باللهجات المحلية لبعض مناطق دولة الإمارات، وشغلت صفحات كثيرة، تؤلف في مجموعها كتاباً ضخماً!! لذلك قمت بتلخيصها مع عدم الإخلال بمضمونها، وإعادة صياغة هذه الملخصات بالعربية الفصحى، فجاءت كما هي منشورة في ملحق هذه الدراسة ([5]).

    وإذا نظرنا إلى مكونات هذه الحكايات، سنلاحظ أنها مكونات تراثية تراكمت عبر الزمن في ضمير الإنسان البدوي. وإذا قمنا بتحليل هذه المكونات، سنجدها تتألف من خليط غريب وعجيب من أشكال تراثية وحضارية عديدة. فعلى سبيل المثال نجد هذه الحكايات متأثرة بحكايات وأساطير عربية وغربية، بالإضافة إلى تأثرها بالتراث الديني الإسلامي والوثني. ثم نجد العلاقات الاجتماعية العربية تتداخل في ثناياها، مختلطة بعوامل التشويق السردي وبالأخص الأفعال الخارقة. ثم نجد أيضاً أن الرواي العربي أضاف إلى تراث هذه الحكايات، بعضاً من شخصيته أو بيئته أو حالته النفسية، فطوع الحكايات وغيّر فيها، لتتناسب مع بيئته وزمنه. وكل هذه التأثيرات والمكونات، جمعتها هذه الحكايات في أشكال متعددة من مفردات البيئة البدوية في الإمارات، كما سنرى.

التأثيرات الدينية

    سيلاحظ قاريء الحكايات المنشورة في هذه الدراسة، تأثرها بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة بالتراث الديني الإسلامي. فعلى سبيل المثال نجد في حكاية (أنا أخو الغزلان)، أن الحوت ابتلع المرأة الحامل، فمكثت في بطنه حتى أنجبت تؤماً. وفي حكاية (علقة اللؤلؤ والمرجان)، نجد رواية أخرى لهذه الحادثة، حيث إن سمكة الهامور الكبيرة، هي التي ابتلعت المرأة الحامل، ومكثت في بطنها حتى أنجبت ولدين. وهذا المعنى متأثر بقصة النبي يونس عليه السلام وابتلاع الحوت له، ومكثه في بطنه فترة من الوقت. قال تعالى: ’’وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُون، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ‘‘([6]).

   كذلك نجد في حكاية (المدخن والفحم)، أن الفتاة عندما أرادت عبور البحر، قالت: توكلت عليك يارب، فانشق لها البحر فسارت فيه بسلام. وهذا الأمر مأخوذ من قصة موسى عليه السلام مع آل فرعون، قال تعالى: ’’وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ‘‘([7]). أما في حكاية (الطير الأخضر)، فنجد الأخ الذي تحولت عظامه إلى طائر أخضر، يقوم بعقاب زوجة أبيه لأنها قتلته، بأن وضع شوكة مسمومة في فمها فماتت. كما أنه يُجزي أخته على وفائها، لأنها جمعت عظامه ودفنتها، حيث إن إكرام الميت دفنه. والطائر بهذا السلوك يمثل عمل الإنسان، بناءً على قوله تعالى: ’’وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً‘‘([8]).  

   أما رقم سبعة، فهو من الأرقام المثيرة للجدل، والمستخدم بكثرة في هذه الحكايات. ففي حكاية (جلد الدجاجة) نجد حفل الزفاف استمر سبعة أيام. وفي حكايتي (إمشيليف، وأنتيف أنتيفان) نجد السبع خبزات تتحول إلى سبعة أبناء. وفي حكاية (البنت والنوبي) نجد الساحر يريد أكل البنات السبع. وفي حكايات (علقة اللؤلؤ والمرجان، والسمكة والثعبان، ولؤلؤ ومرجان) نجد أن عدد البنات سبع.

   ولعل الجانب الديني لهذا الرقم، جعل الوجدان الجمعي العربي، يحتفي به احتفاءً كبيراً، ويستخدمه في الحكايات الشعبية والخرافية، لما له من قداسة دينية. فهذا الرقم الغريب العجيب، نجده في الموروث الديني بكثرة، حيث يحدثنا القرآن في أكثر من سورة عن السموات السبع، كما في قوله تعالى في سورة (البقرة – آية 29): ’’هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‘‘. كما يحدثنا المولى عزّ وجلّ عن صيام الأيام السبعة بعد الرجوع من الحج، في سورة (البقرة – جزء من آية 169): ’’فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ‘‘. وكذلك كان الحديث عن السبع سنابل في سورة البقرة أيضاً، وعن البقرات والعجاف والسنبلات الخضر واليابسات السبع، في سورة يوسف. والأبواب السبعة في سورة الحجر. وأهل الكهف السبعة في سورة أهل الكهف. والبحار السبعة في سورة المؤمنين. والليالي السبع في سورة الحاقة ([9])، وهكذا حتى يصل تكرار رقم سبعة في القرآن الكريم إلى أربع وعشرين مرة. كما تكرر أيضاً في التوراة مائة وخمس وخمسين مرة، وفي الإنجيل تكرر خمس وثلاثين مرة.
   وإذا كان التأثير الإسلامي المباشر، جاء في حديثنا السابق، فإن في حكاية (ميّ)، نجد تأثيراً إسلامياً غير مباشر، وذلك عن طريق الرُقْيَة، حيث قام ابن السلطان بتلاوة آيات قرآنية، ومن ثم المسح على العظام، فتحولت هذه العظام إلى زوجته المختفية. وكذلك قرأ الآيات مع المسح على العظام المدفونة، لتتحول إلى شقيق زوجته الذي كان غزالاً مذبوحاً.
   ولم تقتصر الحكايات الشعبية الخرافية على التأثر بالدين الإسلامي، بل تأثرت أيضاً برواسب وثنية دينية عاشت في الوجدان العربي. فعلى سبيل المثال، نجد في حكايات (أنا أخو الغزلان، ميّ، علقة اللؤلؤ والمرجان)، أن الأخ يتحول إلى غزال، فتظل أخته متعلقة به حتى النهاية، وتستنجد به في أزماتها، فيهرع إليها وينقذها!! والسر في ذلك، أنه ليس بغزال عادي، بل أننا نجد أنفسنا أمام غزال خارق، يستطيع أن يقفز إلى الماء ويصارع الحوت فيقتله، ويشق بطنه ليُخرج شقيقته وولديها!! وإذا عدنا إلى التراث العربي القديم، سنجد أن قبيلة جرهم اليمنية الأصل، والتي استوطنت مكة، كانت تعبد غزالين مصنوعين من الذهب الخالص ([10]). ولعل هذا الموروث الوثني، تناقل مع مرور الزمن، حتى تأثرت به الحكايات الشعبية.  
التأثيرات الخارجية   
   لم تكن بادية الإمارات منعزلة عن العالم الخارجي بصورة قطعية، بل كان اتصال بينها وبين العالم الخارجي، عن طريق التجارة والسفر والبحر والمسامرة والمجالس .. إلخ هذه الأمور. وقد أثر هذا الاتصال بطبيعة الحال على الحكايات الشعبية الخرافية، التي انتشرت في البادية، والمنشور بعضها في هذه الدراسة. فعلى سبيل المثال، نجد في هذه الحكايات ملامح فرعونية دينية وأسطورية. كما نجد فيها مشابهة مع بعض الحكايات الشعبية والخرافية المنتشرة في الحضارة الأوروبية القديمة والحديثة.   فمثلاً نجد الفتاة في حكايتي (علقة اللؤلؤ والمرجان، ولؤلؤ ومرجان)، تقوم بذبح كلبتها، بعد أن تحدثها في أمر التضحية والفداء، ومن ثم تتنكر في جلدها فترة زمنية ليست بالقصيرة!! وهكذا نجد أنفسنا أمام كلبة أسطورية تتحدث تارة وتتشاور مع صاحبتها تارة أخرى. بل أننا نتعجب من الفتاة عندما تعيش في جلد الكلبة!! فأي جلد هذا الذي يصلح لأن ترتديه فتاة؟! إذن فنحن أمام كلب غير عادي، كلب جسده بحجم جسد الإنسان!! ولكن إذا عدنا إلى الديانة الفرعونية، سنجد عندها حلّ هذا اللغز، حيث إن الإله أنوبيس في مصر الفرعونية ما هو إلا كلب مقدس ([11])!!  
   وفي حكايتي (الفتاة عويش، والسمكة والثعبان)، نجد تأثيراً مباشراً من القصص والأساطير الفرعونية، حيث إن الحكايتين ما هما إلا مضمون القصة الفرعونية المعروفة باسم  سندريلا المصرية أو رادوبي الجميلة، مع تغييرات في الأحداث الثانوية. كذلك نجد في حكايتي (ميّ، والطير الأخضر) أن الأخت تقوم بتجميع عظام أخيها المقتول وتدفنها، ومن ثم تعود هذه العظام في نهاية الأمر إلى صورتها الإنسانية. وهذه الفكرة، ما هي إلا الفكرة المعروفة لأسطورة إيزيس وأوزوريس الفرعونية.

   كما نجد في الحكايات أيضاً تأثيراً من قبل الحكايات والأساطير الغربية الأوروبية. فعلى سبيل المثال نجد فكرة الساحر الذي يخطف الفتاة إلى عالم مجهول، لا يستطيع الوصول إليه إلا شقيقها بعد عناء كبير، هي فكرة أسطورة أوروبا، التي تحكي عن ملك فينيقي له ابنة جميلة هي أوروبا وابن هو كادموس. وفي يوم كانت الابنة تتنزه في الحديقة، فظهر لها الإله زيوس متنكراً في شكل ثور هائل، وراح يلتف حولها حتى جلست على ظهره، فنهض بها وجرى سريعاً إلى مصير مجهول. فحاول والدها العجوز البحث عنها دون جدوى، فطلب من ابنه البحث عن أخته بحيث لا يعود إلا وهي معه ([12]).

   وفكرة هذه الأسطورة، جاءت بالمضمون نفسه في حكاية (البنت والساحر) عندما خطف الساحر الفتاة أثناء رعيها للماعز، وذهب بها إلى المجهول. وكذلك في حكاية (البنت والنوبي) نجد الساحر يخطف الفتاة أثناء وجوده في البادية، ويخفيها بين جبلين. وفي حكاية (علقة اللؤلؤ والمرجان) نجد الساحر يخطف الفتاة من أبيها ويخفيها في شجرة الغاف. وفي حكاية (لؤلؤ ومرجان) نجد الساحر يخطف الفتاة من أبيها أيضاً، ويخفيها في أحد الكهوف. وفي جميع هذه الحكايات، يستطيع الأخ الوصول إلى أخته وإنقاذها، بعد قتل الساحر.

    كذلك نجد الحكاية الخرافية في بادية الإمارات، تأثرت بالقصة الشعبية الألمانية (العظام المغنية) للأخوين جرم ([13]). ففي هذه القصة ’’تغنت عظام الميت – التي صنع منها أحد الرعاة ناياً – بالشرور نفسها التي كتب على الميت أن يعيشها، فحياة المقتول انتقلت إلى عظامه. وفي بعض الروايات، وهي الروايات القديمة نسبياً، عاشت الروح تجارب أبعد من ذلك. ففي المكان الذي دفن فيه المقتول نبتت شجرة صنع من خشبها ناي أو قيثارة. وفي النهاية خرج القتيل من الآلة الموسيقية‘‘([14]).

   وتأثير هذه القصة واضح في عودة روح الأخ المقتول إلى عظامه، مع تحول العظام إلى طائر تارة، وإلى ساقية تنوح وتأنّ تارة أخرى، بالإضافة إلى إنبات شجرة ضخمة مكان دفن العظام، وذلك في حكايتي ميّ، والطير الأخضر. وهذا التأثير الغربي، يُضاف إلى تأثر هذه الحكايات بأسطورة إيزيس وأزوزريس الفرعونية، كما أشرنا سابقاً.

   كما أن تحول عظام الأخ إلى طائر، ربما جاء من أثر بعض الحكايات الشعبية الغربية أيضاً. فإن ’’أغلب تصور للروح شيوعاً هو بحق تصوره وهو يطير في صورة طائر. وربما يرجع هذا إلى اعتقاد الإنسان أن الروح شيء خفيف الوزن، إذ أنه يقدر على الطيران في الأحلام. وربما يرجع هذا كذلك إلى أن صوت بعض الطيور كثيراً ما يتشابه بعض الشيء مع صوت الإنسان، إلا أنه أجمل وأرق. وفي الحكاية الخرافية الألمانية (ماخاندل بوم) تحولت روح الأخ الصغير المقتول إلى طائر، وأخذ يتغنى بالشر الذي قدر له أن يقاسيه‘‘([15]).

   كما نجد تأثيرات خارجية غير مباشرة على البيئة البدوية الإماراتية، في هذه الحكايات. فعلى سبيل المثال، نجد أن الحاكم أو المُخلِّص - الذي يملك اللؤلؤ والمرجان والذهب والفضة والمال .. إلخ، أي الذي يملك أسباب السعادة للفقراء والمظلومين - هو ابن السلطان في حكايتي (ميّ، والفتاة عويش)، وهو السلطان في حكاية (علقة اللؤلؤ والمرجان). ولقب أو منصب السلطان غير معمول به في البيئة البدوية الإماراتية!! ولعل هذا الاسم من تأثير الحكايات الوافدة على البيئة الإماراتية، عن طريق وسائل الاتصال المتنوعة التي تحدثنا عنها سابقاً. لأن اللقب المستخدم في بقية الحكايات، هو الشيخ أو ابن الشيخ، وهو اللقب المعروف في البيئة البدوية للحاكم أو المخلص، أو من يملك القدرة على إنصاف المظلومين.

التأثيرات الاجتماعية

   للمجتمع البدوي العربي تقاليده خاصة، تُمثل عصب حياته وتاريخه. وهذه التقاليد تأخذ أشكالاً متشددة، بعكس المجتمع الحضري، الذي يتعامل معها بحلم وروية، لا نجدهما في حياة البادية. ومن هذه التقاليد، العلاقة الأخوية بين الشقيق والشقيقة. فالرجل البدوي هو نواة الأسرة التي تنبت العائلة وتطرح القبيلة، وشرفه متعلق بشرف أخته. فما يمسّ الأخت، يمسّ الأخ والأسرة والعائلة والقبيلة. وفي المقابل نجد الأخت تنظر إلى أخيها، نظرة الحامي والمخلص والمنقذ والسند لها في الحياة.

   ومن هذا المنطلق نجد أغلب الحكايات المنشورة في هذه الدراسة، تظهر قوة هذه العلاقة. ففي حكاية (أنا أخو الغزلان)، نجد الفتاة تنتحب بكاءً لتحول أخيها إلى غزال، لأنها ستسير في الحياة بدون سندها وحاميها. وعندما يبتلعها الحوت، تطلب النجاة من أخيها الغزال عندما تسمع صوته، ولا تطلبها من زوجها. وفي المقابل نجد هذا الأخ أثناء وجوده في شكل غزال، يقفز إلى البحيرة ويصارع الحوت ويتغلب عليه وينقذ أخته، وكأنه ينقذ شرفه. علماً بأنه غزال رقيق لا يجيد السباحة، ولا يقدر على مصارعة الحوت!! ولكن طالما الحكاية نابعة من البيئة البدوية الإماراتية، فإن الراوي وضع قوة جبارة في هذا الغزال أو الشقيق، ليتحول إلى وحش كاسر، من أجل إنقاذ شرف أخته، وبالتالي شرفه وشرف عائلته وقبيلته. وبهذا المفهوم، نجد هذه العلاقة أيضاً واضحة بين الأخ وأخته في حكايتي (ميّ، والطير الأخضر).

   ومن العلاقات الاجتماعية الواضحة في حكايات هذه الدراسة، علاقة زوجة الأب بابنة زوجها. فعلى الرغم من مشروعية زواج الرجل بأكثر من امرأة إسلامياً، وعلى الرغم من مشاكل تعدد الزوجات والطلاق والعنوسة في الإمارات، إلا أن الوجدان الشعبي في بادية الإمارات رفض إظهار الرجل في حكاياته الشعبية بأنه مزواج، أو أنه كثير الطلاق!! بل أن الرجل في الحكايات الشعبية لا يتزوج بامرأة أخرى، إلا عندما تتوفى زوجته الأولى. وربما هذا الأمر - رغم وضوحه في أغلب الحكايات المنشورة - غير صحيح، حيث قام الرواي بتغييره وتبديله، باعتبار أن أغلب رواة هذه الحكايات من النساء، وأن هذه الحكايات كانت تُروى للفتيات!!
   ومهما يكن من أمر هذا التعليل، إلا أن أغلب الحكايات صورت زوجة الأب بصورة سيئة. وتفسر هذا الأمر آمنة راشد الحمدان، قائلة: ’’ولعل من أبشع أدوار المرأة التي تجسدها الحكايات الشعبية دور زوجة الأب. فبالرغم من التصريح الديني والقبول الاجتماعي بتعدد الزوجات - رغم جهل العامة بالشروط التي نص عليها القرآن - فإن الوجدان الشعبي لم يعمل على تخفيف هذا الواقع بل عمل على تجسيده وإبرازه ببشاعة تفوق هذا الواقع‘‘([16]).  
   وبناءً على ذلك نجد زوجة الأب - في أغلب الحكايات المنشورة، ولا سيما حكايات: ميّ، الفتاة اليتيمة والأفعى، الفتاة والثعبان، البنت والغول، الفتاة عويش، المدخن والفحم، الطير الأخضر، السمكة والثعبان - ظالمة قاسية، تجبر ابنة زوجها على القيام بكافة الأعمال المنزلية، وفي أوقات غير مناسبة، كتقطيع وجلب الحطب في أيام ممطرة ذات رياح عاصفة، وإجبارها على القيام بأعمال تفوق قدرات البشر، كالتقاط كمية كبيرة من الحبوب والشعير منثورة على الأرض، مع تفريق كل نوع على حدة، وإجبارها على أكل كمية كبيرة من البصل والسمك المملح. كما تجعلها ترتدي الثياب الرثة الممزقة، وتهمل في تنظيفها، وتلطخ وجهها بالفحم لإخفاء جمالها، وتجعلها تنام مع ثعبان في غرفة واحدة. وفي مقابل هذه الصورة، نجد ابنة الزوج مطيعة عطوفة جميلة مغلوبة على أمرها، مؤمنة بقضاء الله وقدره، تُعامل زوجة أبيها كأنها أمها، وذلك من أجل استمرار الحياة.

أثر البادية  

   هناك مظاهر كثيرة تمّ توظيفها في هذه الحكايات، مستوحاة من بادية الإمارات، تتعلق بعاداتها وتقاليدها، كما تتعلق ببيئتها الصحراوية الحيوانية والنباتية والبحرية. فعلى سبيل المثال نجد منصب (الشيخ)، وهو منصب رئاسي يتعلق بالمخلص والمنقذ وحامي الحمى، يتحقق بمعناه في أكثر من حكاية. فهذا الشيخ بهذه الصفات، نجده في حكاية (أنا أخو الغزلان)، هو شيخ القافلة الذي يُؤمِّن الطعام للفتاة المختبئة في الشجرة، وهو الذي يرثي لحالها، فيتزوجها ليضمن لها الأمان، باعتبار منصبه. وفي حكاية (السمكة والثعبان)، نجده شيخ القبيلة، الذي يتزوج من الفتاة المظلومة، ليخلصها من عذاب زوجة أبيها. وفي حكاية (لؤلؤ ومرجان)، نجده ابن الشيخ الذي يتزوج من الفتاة الشاردة عوشة، ليؤمن لها حياتها ومستقبلها.

   كما اهتمت الحكايات المنشورة في هذه الدراسة، بإظهار قيمة الحيوان في البادية بخيره وشره. ففي حكايات (أنا أخو الغزلان، وميّ، وعلقة اللؤلؤ والمرجان)، نجد الأخ يتحول إلى غزال. والغزال من الحيوانات البرية المهمة في حياة البدوي، وبالأخص في الإمارات. حيث مازال هذا الحيوان يُقتنى ويُربي في المزارع، ويلقى عناية خاصة، لا يلقاها أي حيوان آخر. وهذه العناية تتناسب لأن يكون الغزال ممثلاً للشقيق في هذه الحكايات. واحتفاء بادية الإمارات بالغزال، له دلالة خاصة. حيث إن الغزال من الحيوانات الأثيرة لدى الإماراتي بصفة عامة، حيث كان هذا الحيوان منتشراً بكثرة في البادية قديماً، ومازال هذا الانتشار موجوداً في بعض الأماكن حتى الآن. وكفى بنا أن نشير - لإثبات هذا الاهتمام - أن دولة الإمارات لم تجد رمزاً يدل على هويتها البدوية، إلا صورة الغزال لتضعه على عملتها الرسمية، وهو الدرهم الفضي. هذا بالإضافة إلى إطلاق اسم الغزال على أكثر الميادين شهرة في الإمارات المختلفة بالدولة.

   أما الثعبان - كحيوان بري منتشر في البادية - فكان من الحيوانات المثيرة للاهتمام في هذه الحكايات، حيث نجده يقدم المساعدة للفتاة المضطهدة من زوجة أبيها، بأن يلتف حول حطبها لربطه، ويحول منزلها المهجور إلى قصر كبير. ثم نجده يتحول إلى شاب وسيم، فيتزوج من الفتاة، ويُلبسها الذهب والفضة، وذلك في حكايات: الفتاة اليتيمة والأفعى، والفتاة والثعبان، والبنت والغول. وكأن الثعبان كنز يُمنح للفتاة عن طريق المصادفة، ليحقق لها آمالها. ولعل إظهار الثعبان بهذه الصورة، راجع إلى أهميته في بلاد جنوب شرق آسيا، كمعبود لبعض سكانها، وبالأخص في الهند. وهذه البلاد قريبة جداً من بادية الإمارات، ناهيك عن مظاهر الاتصال بينها وبين الإمارات منذ القدم.

   ومن الملاحظ أن تحول الثعبان إلى إنسان، له وجود في الحكايات الشعبية الغربية القديمة، حيث كانت تصور الثعبان بوصفه الحيوان الروح. ’’وربما يرجع هذا إلى أن الحية تخرج من باطن الأرض، وتزحف إلى سطحها، وأن أجساد الموتى مآلها إلى الأرض‘‘([17]). كما أن تصور الثعبان بوصفه الكنز الثمين، الذي يظهر للإنسان عن طريق المصادفة، له جذور في قصص التراث العربي القديم. فيُحكى أن عبد الله بن جدعان طرده أبوه، وابغضته عشيرته لما اقترفه من ذنوب. فخرج في شعاب مكة حائراً يتمنى الموت، حتى وجد ثعباناً في مغارة فاقترب منه حتى يلدغه الثعبان فيموت. ولكن الثعبان لم يتعرض له، فأمسكه عبد الله فإذا به ثعبان من الذهب وعيناه ياقوتتان. وعندما كسره وأخذ عينيه، وجد كنزاً أسفله، فراح يصل أباه وعشريته وينفق عليهم من مال هذا الكنز ([18]).

   ومن الحيوانات المنتشرة في بادية الإمارات، والتي ظهرت بصورتها الطبيعية في هذه الحكايات، (الضبعة) التي تأكل الأولاد في حكاية (أنا أخو الغزلان). أما في حكاية (علقة اللؤلؤ والمرجان)، فنجد الأم تضحي بأبنائها إلى الضبعة المفترسة، الواحد تلو الآخر، حتى ترفض الأخت التضحية بأخيها الأخير. ومن الجدير بالذكر، إن ’’التضحية بالأطفال، عادة شعائرية أو دينية كانت تمارس في أغلب مجتمعات العالم القديم، وما تزال لها بقاياها السارية عند عديد من القبائل .. .. وعند قبائل (المابايا) في البرازيل، تقتل الأم كل أطفالها، إلا ما تعتقد بأنه آخر أطفالها‘‘([19]).

   وإذا تركنا مظاهر الحيوان في البادية الإماراتية، إلى مظاهر النبات، سنجد الشجرة تحتل مكانة رفيعة ومهمة في الحكاية الخرافية، وخصوصاً شجرة الغاف، التي تنتشر بكثرة في الإمارات. وأهمية الشجرة في البادية تتمثل في كونها رمزاً للأمان والاستظلال والحماية. وبهذا المفهوم نجد شخصيات الحكايات المنشورة في هذه الدراسة، يحتمون بالشجرة خوفاً من الغريب القادم، أو المكوث فيها فترات زمنية كبيرة، وكأنها منزل لهم. أو نجدهم يجلسون أسفلها ويستظلون بها طلباً للراحة من عناء السفر والترحال، وهذا في حكايات: أنا أخو الغزلان، ميّ، مشيليف، علقة اللؤلؤ والمرجان، لؤلؤ ومرجان.
   وإذا كانت صورة الشجرة بهذا المفهوم - كما جاءت في الحكايات السابقة - صورة مألوفة ومعروفة، فإن الضمير الجمعي أضاف إليها صورة أسطورية، تتناسب مع خرافة الحكايات الشعبية. لذلك نجد شجرة الغاف - في حكايتي علقة اللؤلؤ والمرجان، ولؤلؤ ومرجان - تتحدث وتحذر والد الفتاة من صعودها، لوجود ساحر يحرسها. كما نجد في حكاية (ميّ)، أن شجرة هائلة تُنبت مكان عظام الأخ المدفونة. ولعل هذا التصور الأسطوري للشجرة، له ما يبرره في الديانة العربية الوثنية القديمة، حيت كان رمز عبادة الإله (العُزى)، هو ثلاث شجرات من نوع السمر ([20])، وهو نوع منتشر في البادية الإماراتية بكثرة.

   وباعتبار أن معظم إمارات الدولة تطل على البحر، فإن البحر - بما يمثله من خير وفير ومصدر للثروة - كان له وجود مميز في هذه الحكايات. فنجد الفتاة في حكاية (ميّ)، تبحث عن ابن السلطان الذي يملك اللؤلؤ والمرجان. ثم نجد الأسماك المتنوعة والمنتشرة في الإمارات، مثل: الهامور والبديحة والبياحة والبياض، لها وجود أسطوري في هذه الحكايات. حيث نجد سمكة البديحة تتحدث مع الفتاة عويش، وتساعدها وتقدم لها الطعام، وتسخر لها الطيور لمساعدتها في التقاط الحبوب وتفريقها، وذلك في حكاية (الفتاة عويش). كما نجد سمكة البياض أو جنية البحر، تتحدث مع الفتاة وتقدم لها كميات كبيرة من أسماك البحر كل يوم، وذلك في حكاية السمكة والثعبان. كما نجد سمكة الهامور الكبيرة، تبتلع الزوجة كصورة أخرى لقصة الحوت مع النبي يونس عليه السلام، وذلك في حكاية علقة اللؤلؤ والمرجان. وأخيراً نجد الفتاة في قصة (الفتاة عويش)، تأكل السمك المالح ، فتتقيأه ذهباً وفضة!

   وهذا التصور الخرافي للأسماك، له وجود في التراث العربي القديم، حيث يُقال: إن السمك في الرؤيا إذا وصل عدده إلى أربع فهو النساء، وإذا كثر عن ذلك فهو المال والغنيمة. كما أن السمك المالح، يدل على خير ومال باقٍ، لأن الملح يحفظ السمك من التلف ([21]).
    وقبل أن نترك هذه النقطة، الخاصة بأثر البادية على الحكايات الشعبية الخرافية، نُبدي ملاحظة مهمة، تتعلق بالبادية أيضاً. حيث إن راوي هذه الحكايات، قام بتغييرات في بعض الحكايات المشهورة عالمياً، لتتناسب مع بيئته البدوية. وخير مثال على ذلك قصة (رادوبي الجميلة) أو سندريلا المصرية الفرعونية. فهذه القصة تدور أحداثها في مدينة منف الفرعونية، حيث يعيش التاجر (سنوفر) مع زوجته (تننت) وابنته (رادوبي) الجميلة. ولكن الأم تمرض وتموت، فيتزوج الأب بأخرى وينجب منها ابنتين. وبمرور الأيام، تكثر مكائد زوجة الأب لرادوبي التي عاملتها كخادمة ووصيفة لابنتيها، وذلك بسبب غيرتها من جمالها الذي فاق جمال ابنتيها. وفي يوم يقرر الأمير ابن فرعون إقامة حفلة لعيد الربيع، وسيختار فيها زوجته، وسينتقيها من بين فتيات منف الجميلات. وفي هذا اليوم تقوم زوجة الأب بتجهيز ابنتيها بأفخر الثياب والمجوهرات، ثم أغلقت القصر على رادوبي حتى لا تتمكن من الهرب أو حضور الحفلة. ولكن رادوبي استطاعت حضور الحفلة، بمساعدة أسطورية، فأعجب بها الأمير، ولكنها تنصرف تاركة حذاءها في الغدير، فيجده الأمير ويقرر الزواج من صاحبته.
    ومضمون هذه القصة، هو مضمون حكاية (الفتاة عويش) نفسه، بعد تغييره وإلباسه الزيّ العربي، الذي يتناسب مع زمان ومكان البادية الإماراتية. فقد قام الراوي بتحويل الفتاة (رادوبي) الفرعونية ابنة التاجر، إلى الفتاة (عويش) الإماراتية ابنة الصياد. كما جعل السمكة بديحة تقدم المساعدة لعويش، بدلاً من تقديم المساعدة الأسطورية لرادوبي .. .. إلى آخر التغييرات الواضحة من مقارنة الحكايتين. وهذا إن دلّ، فإنما يدل على قدرة راوي البادية على التعامل مع الحكايات الشعبية الوافدة عليه، بعد صهرها وإعادة تشكيلها في بوتقة البادية.

عنصر التشويق

   هناك مقومات عديدة، كانت السبب في بقاء واستمرار هذه الحكايات الخرافية، في بادية الإمارات، منها وجود الشخصيات الغامضة، مثل السحرة والجن والشياطين والغيلان والعفاريت. ولكن أهم عنصر سَبّبَ بقاء واستمرار هذه الحكايات، كان عنصر التشويق، الذي اتخذ أشكالاً عديدة. ومن أهم هذه الأشكال عقدة الحكاية، أو محاولة تنفيذ الشروط الصعبة والمستحيلة.
   ففي حكاية (ميّ)، نجد الأب يشترط على ابنته لمسّ سقف البيت بيديها، ثم نجد الساحرة تشترط عليها وعلى أخيها، عبور الغدير المسحور مع شرب مائه دون تنفس، وإلا تحولا إلى غزالين. وفي حكاية (إمشيليف) نجد شرطاً صعباً، وهو وجوب اجتياز إمشيليف وأخوانه لبحرين الأول من السمن، والآخر من اللبن. وفي حكاية (أنتيف أنتيفان)، نجد الأخ وأخوانه لزاماً عليهم اجتياز بحر كبير ثم نار هائلة. وفي حكاية (الفتاة اليتيمة والأفعى)، نجد الأفعى تشترط على الفتاة الزواج منها، وكذلك نجد هذا الشرط في حكاية (البنت والغول). وفي حكاية (الفتاة عويش) نجد زوجة الأب تشترط على ابنة زوجها أكل كميات كبيرة من المالح والبصل. وفي حكاية (المدخن والفحم)، نجد بحراً هائلاً أمام الفتاة يجب اجتيازه للوصول إلى الفحم. وفي حكاية (علقة اللؤلؤ والمرجان)، نجد ساحراً شريراً يجب اجتنابه للوصول إلى العلقة الموجودة في شجرة هذا الساحر.
   ومن أهم هذه الشروط وأصعبها، ما جاء في حكايات (البنت والساحر، والبنت والنوبي، ولؤلؤ ومرجان)، حيث يجب على الأخ من أجل إنقاذ أخته، أن يقتل خاطفها الساحر بضربة واحدة مميتة، ولا يزد في الضربات، لأن الضربة الثانية تعيد للساحر المحتضر الحياة مرة أخرى. وعلى الرغم من صعوبة هذا الشرط، وأهميته في إضفاء عنصر التشويق، إلا أن له أساساً في التراث العربي القديم. فقد ’’كانت خرافات الغيلان منتشرة بكثرة شديدة في الجزيرة العربية، وينسب لكائن خرافي يسمى (تأبط شراً) ([22]) أنه قتل غولة بضربة واحدة من سيفه فقتلها، وأن الغولة عندما ضربها أول ضربة، طلبت منه أن يضربها ثانية، لكنه رفض. وهي تلك التضمينة الأسطورية المعروفة في خرافات الجان، والتي مؤداها أن ضربة الرجال (ما تتناش) لا تثنى‘‘([23]).

    ومن عناصر التشويق أيضاً، في هذه الحكايات، عنصر التحول. فقد تحولت الخبزات السبع إلى سبعة أبناء في حكايات (إمشيليف وأنتيف أنتيفان ومشيليف). كما حولت الأخت أخاها إلى أبرة، كي تخفيه من الساحر في حكاية (البنت والنوبي). وفي حكاية (الفتاة اليتيمة والأفعى) يتحول الثعبان إلى شاب وسيم. كما تحولت عظام الأخ المدفونة إلى طائر تارة، وإلى ذهب تارة أخرى في حكاية (الطير الأخضر). كما تحول الأخ إلى غزال في حكايتي (أنا أخو الغزلان، وعلقة اللؤلؤ والمرجان).

   كذلك كان من عناصر التشويق في هذه الحكايات، الأعمال الخارقة. ففي حكاية (إمشيليف) نجده يشرب بحرين الأول بحر السمن، والآخر بحر اللبن. وفي حكاية (أنتيف أنتيفان) نجده يشرب ماء البحر كله، ثم يخرجه ليطفيء به ناراً هائلة. كذلك نجد في حكاية (أنا أخو الغزلان)، أن الغزال يصارع الحوت ويتغلب عليه.

   ومن مقومات بقاء هذه الحكايات أيضاً، النهاية السعيدة التي تنتهي بها كل حكاية. ففي حكاية (أنا أخو الغزلان)، نجد الأخ ينقذ أخته من بطن الحوت. وفي حكاية (ميّ) نجد الأخ يعود إلى طبيعته البشرية بعد أن كان غزالاً. وفي حكاية (جلد الدجاجة) نجد الزوج يحرق الجلد لتقتنع الزوجة إنها امرأة، وتعيش معه حياة سعيدة. وفي حكايات (إمشيليف، وأنتيف أنتيفان، ومشيليف) يستطيع الأخ المنبوذ أن ينقذ أخوانه من الساحرة، ويصبح الأخ المحبوب، بل ويصبح رئيساً للقرية. وفي حكايتي (الفتاة اليتيمة والأفعى، والفتاة والثعبان) يتحول الثعبان إلى شاب وسيم ويتزوج من الفتاة. وفي حكايتي (البنت والساحر، والبنت والنوبي) يتم التخلص من الساحر، ومن ثم عودة الأخت إلى أسرتها. وفي حكايتي (الفتاة عويش، وعلقة اللؤلؤ والمرجان) تتزوج الفتاة من ابن السلطان أو من السلطان. وهكذا كانت النهايات السعيدة في باقي الحكايات.

د. سيد علي إسماعيل



ملحق الدراسة

القصص الخرافية

ـــــــــــــــ

1 - أنا أخو الغزلان ([24])

   كان هناك أربعة أولاد منهم بنتان وولدان، يعيشون وحدهم في المنزل بعد وفاة الأهل. وفي يوم ما، نزلت عليهم الضبعة فأكلت بنتاً وولداً، واستطاع الولد الآخر وشقيقته الهرب منها. وبعد السير مسافة طويلة قالت الأخت لأخيها: أنا ما أخذت المشط معي، وقال هو: أنا لم أحضر العصا معي. قالت له: أرجع وأحضر المشط والعصا، وأنا أنتظرك هنا. فذهب وأحضر المشط والعصا، بعد أن تأكد من عدم وجود الضبعة. وأثناء عودته وضع المشط على رأسه، وصنع من العصا ذيلاً له، وعندما وصل إلى أخته قال لها: أنا ليس شقيقك بل أنا شقيق الغزلان. فأخذت الأخت في البكاء، وعندما هدأت وافقت أخاها على كلامه حتى تستأنس به في طريقها. وبعد السير مسافة كبيرة، شعرا بالعطش فتقابلا مع سيدة عجوز وسألاها عن مورد الماء، فقالت لهما أشربا من هذا الماء المغطى، لأنه للبشر، ولا تقتربا من الماء المكشوف لأنه خاص بالغزلان. فقال الأخ لأخته: أشربي أنت من الماء المغطى، وأنا سأشرب من الماء المكشوف. وبعد أن شربت الأخت لم تجد أخاها، فقد تحول إلى غزال وجرى وسط الغزلان، فأخذت في البكاء على فقد أخيها. وبعد فترة من السير في الصحراء، شاهدت جماعة من الناس قادمين على شكل قافلة، فخافت وصعدت إلى شجرة كانت بجوارها واختبأت فيها. فجاءت القافلة واستقر مقامها حول الشجرة، وقال شيخ القافلة جهزوا الطعام حتى أغفو قليلاً تحت الشجرة. وفي هذه اللحظة تذكرت الأخت شقيقها فبكت فتساقطت دموعها على وجه الشيخ النائم تحت الشجرة، فلاحظ وجود الفتاة، فأراد أخفاء الأمر عن أفراد قافلته، فوقف ونادى على قومه أن ينتهوا من الطعام سريعاً. وبعد الانتهاء أمرهم بوضع كمية من الطعام على الصخرة الموجودة أسفل الشجرة. ففعلوا ذلك، ثم قام الشيخ بوضع خاتمه بجوار الطعام، ثم انصرف مع جماعته. فنزلت الفتاة وأكلت من الطعام ولبست الخاتم. وفي الطريق قال الشيخ لجماعته سأعود إلى الشجرة لأنني نسيت خاتمي هناك. وعندما عاد أمسك بالفتاة بعد أن لاحظ خاتمه في يدها، فطلبت منه أن يتركها وستعطيه الخاتم، فقال لها: لن تخلعي هذا الخاتم أبداً لأنك ستكونين زوجتي الثانية، حيث إنني متزوج من امرأة أخرى، ولكن أخبريني ما قصة اختفائك في الشجرة؟ فروت له قصتها مع أخيها. وبعد فترة تم زواجه منها، وحملت في أحشائها طفلاً منه. وفي هذه الفترة ذهبت إلى البحيرة لتمشط شعرها، فقامت الزوجة الأولى بإسقاطها في البحيرة، فابتلعها الحوت. فعاشت في بطن الحوت فترة حتى أنجبت تؤماً من ولد وبنت. وفي يوم ما سمعت وهي في بطن الحوت صوت شقيقها على شاطيء البحيرة، جاء ليشرب منها هو والغزلان، فنادته بأعلى صوتها، حتى سمعها وتعرف على صوتها. فنزل إلى الماء وصارع الحوت حتى تغلب عليه وقام باصطياده، وشق بطنه فأخرج أخته وولديها. وعندما سألها عن هذين الوليدين، روت له قصتها مع زوجها شيخ القبيلة، وطلبت منه حمايتها وعدم تركها، فوعدها بذلك شريطة أنه ليس شقيقها بل هو شقيق الغزلان .. فوافقته وعاشت معه في بيت واحد مع قطيع الغزلان.

2 - حكاية ميّ ([25])

   ميّ .. فتاة صغيرة يتيمة شديدة الجمال، كانت تعيش مع أخيها الأكبر، ومع زوجة أبيها، بعد وفاة والدتها. وكانت عيشتهما بائسة، بسبب ظلم وجور زوجة أبيهما. وفي يوم من الأيام فكرت في الخروج من المنزل هرباً من ظلم زوجة الأب، فطلبت من والدها أن يسمح لها بالخروج مع أخيها، فوافق ولكنه وضع شرطاً لذلك، وهو أنها تقوم بلمس سقف المنزل بيديها. وظلت تفكر ماذا تفعل؟ إلى أن وصلت إلى حل، تمثل في وضع الوسائد فوق بعضها البعض، ووقفت فوقها ونجحت في لمس السقف. وهكذا خرجت مع أخيها من المنزل، وبدأت رحلة هروبهما. وفي الطريق تقابلا مع امرأة عجوز، فسألتها ميّ عن بلاد ابن السلطان الذي يملك اللؤلؤ والمرجان. فدلتهما على الطريق وقالت لهما: إنهما سيجدان في طريقهما رجلاً مسناً، لا يتحدثان معه، ثم امرأة ساحرة يجب أن يأكلا من خبزها. وبالفعل وجدا الرجل المسن الذي حاول الحديث معهما، ولكنهما صمتا وتجاوزاه، ثم وجدا المرأة الساحرة وبجوارها خبزها، فانقض الأخ على الخبز وأكل منه، وأعطى أخته منه فأكلت أيضاً. ثم سألا المرأة عن طريق بلاد ابن السلطان الذي يملك اللؤلؤ والمرجان، فقالت لهما: عليكما باجتياز الغدير المسحور الذي يعبر بكما إلى قصر ابن السلطان، وإذا شربتما من الغدير يجب عليكما أن تحبسا أنفاسكما فترة من الوقت ولا تتنفسا، وإلا تحولتما إلى غزالين. وذهب الأخ وأخته حتى وصلا إلى الغدير، وشربا منه، ولكن الأخ تنفس سريعاً بعد شربه، فتحول إلى غزال. وأخذت أخته تبكي عليه كثيراً، وتركض خلفه أثناء لعبه وجريانه مع الغزلان، حتى لا يبتعد عنها. وفي هذه اللحظة سمعت صوت حوافر وصهيل خيول مقبلة، فخافت واختبأت في شجرة غاف كثيفة الأغصان والأوراق تراقب الخيول القادمة، فإذا بها موكب ابن السلطان محمد. الذي قرر الجلوس والراحة أسفل الشجرة حتى يتم إعداد الطعام. وقام الحراس بصيد الغزال لإعداد الطعام، فتمكنوا من جميع الغزلان عدا الغزال الذي يُمثل شقيق ميّ. وكانت ميّ تنظر إلى هذه المطاردة وقلبها يعتصر ألماً على أخيها، فأخذت تبكي، فتساقطت دموعها على خد ابن السلطان النائم أسفل الشجرة. وعندما نظر إلى مصدر هذه القطرات، رأى الفتاة دون أن تلحظه هي. فهب واقفاً وطلب من حاشيته الانصراف، ووضع الطعام تحت الشجرة بعد أن أخفى فيه خاتمه. وأثناء سير الموكب، قال ابن السلطان أنه نسي خاتمه تحت الشجرة وسيعود وحده لإحضاره. وبالفعل عاد ابن السلطان، ليجد الفتاة تأكل من الطعام. فأمسك بها وطمأنها على حياتها، فقصت له قصتها، وقصة أخيها الغزال. فأخذها معه إلى قصره وتزوجها، بعد أن قصّ على أهله قصتها وقصة أخيها. ولكن أهله لم يرضوا بهذا الزواج. وفي فترة غياب ابن السلطان، قامت إحدى الجاريات باصطياد شقيق ميّ (الغزال)، وقامت بذبحه، واستخدمت بعض عظامه في ساقية الماء الموجودة في حديقة القصر. وعندما كانوا يستخرجون الماء من الساقية، كانت الساقية تصدر صوتاً شبيهاً بالأنين والبكاء. فحزنت ميّ حزناً شديداً، وجمعت بقايا عظام أخيها ودفنتها، فتحولت العظام إلى طائر، ونبتت مكانها شجرة ضخمة أخذت تنوح كل يوم. وعندما عاد ابن السلطان، وسأل عن زوجته، قالوا له إنها هربت مع أخيها، فحزن عليها حزناً شديداً. وفي أحد الأيام جاء مزارع إلى القصر وطلب مقابلة ابن السلطان وقال له إنه لاحظ أن صوت ساقية الماء أصبح وكأنه بكاء إنسان!! كما أن شجرة ضخمة قد نبتت بالقرب من الساقية، دون أن يزرعها أحد!! هذا بالإضافة إلى وجود طائر غريب  يأتي كل يوم على الشجرة وينوح ويئن!! فذهب ابن السلطان إلى الساقية فسمعها تقول: ويح .. ويح ميّ .. اقتلوني. وهنا ظهر الطائر فأمسكه ابن السلطان فوجد أحد جناحيه من فضة والآخر من ذهب، وبهما نقش كان موجوداً على خاتم زوجته ميّ. فمسح على رأس الطائر وتمتم بآيات قرآنية، فتحول إلى زوجته ميّ، التي قصت عليه ما حدث، فاقتلع الشجرة من جذورها، وأخرج العظام، ومسح عليها وتمتم بآيات القرآن أيضاً، فتحولت العظام إلى شاب وسيم هو شقيق ميّ. وانتهت المأساة وعوقب المسئول عنها، وعاشت ميّ مع ابن السلطان سعيدة

3 - جلد الدجاجة ([26])

   كانت هناك زوجة لا تنجب الأطفال، وكان لديها مجموعة من الدجاج فقالت: يا ليت عندي ابنة، حتى لو كانت دجاجة. وفي الصباح الباكر وجدت المرأة أعمالها المنزلية قد أُنجزت، فتعجبت قائلة: من قام بإنجاز الأعمال المنزلية؟ واستمر الحال على هذا المنوال عدة أيام، وفي صباح أحد الأيام أخذت المرأة تراقب منزلها لعلها تعرف السر، وكانت المفاجأة أن الدجاجة التي تمنتها أن تصبح بنتاً لها، هي التي تقوم بالأعمال، بعد أن تخلع جلدها وتتحول إلى  فتاة جميلة. وبعد الانتهاء من أعمال المنزل، ترتدي جلدها وتعود دجاجة مرة أخرى مع بقية الدجاج. وفي أحد الأيام خرجت الدجاجة من بيت أمها، وذهبت إلى بستان قريب لتلعب وتقطف الثمار الناضجة، ثم ترتدي جلدها وتعود إلى بيتها. واستمر هذا الحال فترة من الزمن، حتى اكتشف صاحب البستان، أن هناك من يقوم بسرقة الفواكه من بستانه، فأخذ يراقب البستان. وفي صباح أحد الأيام رأى الدجاجة تخلع جلدها وتتحول إلى فتاة وتلعب ثم تقطف الثمار، ثم ترتدي جلدها وتعود إلى البيت. فقام الشاب بمراقبتها حتى عرف مكان بيتها، فأخبر والده بالأمر وطلب منه أن يخطب له هذه الفتاة، وعرفه مكان بيتها. فذهب الشاب بصحبة أبيه لخطبة الفتاة, لكن صاحب البيت قال: ليس عندي بنات. فقالت زوجته: بل عندنا دجاجة إذا كان يريدها. فقال: إنه يريدها فخطبها. فقالت المرأة سأحضر لك الدجاجة في المساء فأحضرتها له. فاعترض والداه وقالا: كيف تتزوج  دجاجة وأنت ابن الحسب والنسب؟ هل تريد أن تجعلنا أضحوكة في أعين الناس؟ فقال: لن أتخلى عن دجاجتى مهما كان الأمر. وفي أحد الأيام كانت والدة الشاب تعد الطعام فذهبت الدجاجة تأكل من بقايا الطعام في المطبخ فضربتها فوق رأسها فوقعت الدجاجة مغشياً عليها. فغضب الشاب وأخذ الدجاجة وغادر المنزل واستقر في منزل جديد برفقة دجاجته. وفي أحد الأيام اختفى كي لا تراه الدجاجة فأخذ يراقبها وهي لا تراه فعندما خلعت جلدها وقامت بإشعال النار وإعداد الطعام استغل الفرصة وانقض على الجلد فرماه في النار فاحترق. فأخذت الفتاة تبكي قائلة: أريد جلدي, أريد جلدي. فقال لها: أنتِ فتاة جميلة وسوف تصبحين زوجتي ولا يليق بكِ أن تكوني دجاجة. ثم أخذها إلى بيت أهلها ودفع لها مهراً وأقام لها عرساً كبيراً استمر سبعة أيام، ثم زفها إلى بيته وعاش سعيداً معها بين الأهل والأقارب

4 - إمشيليف ([27])

   في قديم الزمان، استعانت امرأة لا تنجب الأطفال، بمشورة امرأة عجوز، كي تجد لها حلاً لمشكلتها في عدم الإنجاب. فأشارت عليها العجوز بأن تصنع عجيناً وتشكل منه سبع خبزات، وتضعهن في سرير وتقوم بتحريكه لمدة شهر كامل، فتتحول الخبزات إلى أبناء. وفعلت المرأة ذلك، وقبل اكتمال الشهر زارتها العجوز لتطمأن على الخبزات. وفي أثناء قيام المرأة بتحضير القهوة للعجوز، قامت العجوز برؤية الخبزات، فشعرت بالجوع فأكلت قطعة من إحدى الخبزات السبع. وبعد مرور الأيام واكتمال الشهر، تحولت الخبزات إلى أولاد، كان من بينهم ولد أذنه (منشلفة) مشوهة غير مكتملة، فخافت منه الأم وسألت العجوز، التي طمأنتها وقالت لها أطلقي عليه اسم (إمشيليف). ومرت الأيام وكبر الأبناء، وكانوا دائماً يلعبون مع فتاة جميلة كانت أمها ساحرة شريرة، ولكنهم لا يعلمون ذلك إلا إمشيليف، لذلك كانت الساحرة تريد قتله. وفي يوم ما دعتهم الساحرة إلى وليمة في بيتها، فوافقوا وطلبوا من أمهم عدم اصطحاب إمشيليف معهم، ولكنه بكى بكاءً شديداً، فاضطر الأخوان إلى اصطحابه شريطة أن يركب خروفاً أما هم فسيركبون الخيل، فوافق إمشيليف وبدأت الرحلة. وبعد مسافة معينة طلب الأخوان منه الرجوع لأنه لا يشبههم واسمه غريب، فدعا عليهم بأن يتعثروا في اجتياز بحر السمن (الدهن)، وفجأة وجدوا هذا البحر، فوافقوا على اصطحاب إمشيليف معهم، الذي خلصهم من هذا البحر بأن شربه كله. وبعد فترة أخرى من السير طلبوا منه الرجوع لأنه لا يشبههم وأن اسمه غريب، فدعا عليهم بعدم اجتيازهم لبحر اللبن، فخافوا ووافقوا على اصطحابه، وعندما وجدوا بحر اللبن خلصهم منه إمشيليف بأن شربه كله. وهكذا قابلتهم مصاعب كثيرة، وفي كل مرة ينقذهم منها إمشيليف حتى وصلوا إلى بيت الساحرة. وبعد الانتهاء من الوليمة واللعب مع ابنة الساحرة، قرروا العودة إلى المنزل، فطلبت منهم الساحرة أن يبقى إمشيليف معها، فوافقوا ليتخلصوا منه في رحلة عودتهم. وفي المساء طلبت الساحرة من إمشيليف أن يرتاح في سرير خصصته له، حيث قررت ذبحه بعد أن ينام. ولكن إمشيليف كان يشك في نوايا الساحرة، فظل متيقظاً طوال الليل، وعندما تدخل الساحرة عليه تجده متيقظاً فتسأله لماذا لم تنم؟ فيجيبها بأن صوت الماعز وهي تأكل تزعجه، فتخرج الساحرة لإسكات الماعز. وفي الحقيقة أن صوت أكل الماعز كان يحدثه إمشيليف حيث كان يأكل حبوب القهوة (البن) يابسة حتى يُحدث صوتاً مشابهاً لصوت أكل الماعز، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن تساعدة هذه الحبوب على اليقظة وعدم النوم. وعندما دخلت عليه الساحرة مرة أخرى وجدته متيقظاً فقالت له لماذا لم تنم؟ فقال لها إن صوت البحر يزعجني، فخرجت وهدأت البحر. وهكذا في كل مرة حتى أشرقت الشمس. ففكرت الساحرة في مؤامرة جديدة، بأن اتفقت مع ابنتها على أن تدعو إمشيليف ليقف بجوارها أثناء النفخ في نار الفرن لإعداد الطعام، ثم تقوم الابنة بدفعه في النار. ولكن إمشيليف كان يتسمع لحوارهما وفهم المؤامرة، وعندما دعته الفتاة للنفخ، وقف خلفها ودفعها هو في النار، وأرتدى ملابسها وتنكر في شكلها. وعندما جاءت الساحرة وجدت الطعام جاهزاً، ففرحت لأنها أخيراً ستأكل إمشيليف وبدأت الأكل، حتى انتهت منه، فجاءتها قطتها وقالت لها، إنها أكلت ابنتها، وأكد لها إمشيليف هذه الحقيقة، وركب خروفه وهرب، وهي فقدت عقلها.

5 - أنتيف أنتيفان ([28])

   كان في قديم الزمان امرأة لم تنجب أطفالاً، فذهبت إلى رجل صالح وشكت له الأمر، فقال لها أعجني سبع خبزات وضعيهن في السرير مع تحريكه لمدة سبعة أيام متتالية. وفعلت المرأة ذلك، وفي اليوم الخامس جاءها رجل فقير يطلب طعاماً، فقالت له: انتظر سأعد لك الطعام، وطال انتظاره فشم رائحة خبز شهي، فدخل المنزل فوجد الخبزات على السرير، فأخذ واحدة وبدأ يأكل منها فخرج من الخبزة دم كثير، فخاف الرجل ورمى الخبزة على السرير وهرب. وعندما عادت المرأة بالطعام لم تجد الرجل، ووجدت الخبزة مقسومة إلى نصفين، فرمت بنصف ووضعت النصف الآخر مع الخبزات على السرير. وبعد مرور الأيام السبعة تحولت الخبزات إلى أولاد، إلا خبزة منهن وجدتها تحولت إلى طفل مشوه بنصف رأس، فأطلقت عليه اسم أنتيف أنتيفان. ومرت الأعوام وكبر الأطفال، وذهبوا لرعي الغنم، وكانوا يركبون الخيل إلا أنتيف أنتيفان كان يركب الحمار، رغم طيبته وأخلاقه الحميدة. وفي يوم ما طلب الأبناء من أمهم أن يذهبوا إلى جدتهم، فرفضت لأن الطريق صعب وهي تخشى عليهم، ولكنهم ألحوا فوافقت. وسار الأبناء في طريقهم، فوجدوا بحراً صعب اجتيازه، فقام أنتيف أنتيفان بشرب البحر، وهكذا اجتاز الأبناء البحر. وبعد فترة من السير طلب الجميع من أنتيف أن يعود لأنه بطيء السير بحماره، فبكى بكاءً شديداً، ولكنهم لم يهتموا به وتركوه وساروا في طريقم. وبعد فترة من السير وجدوا ناراً هائلة، واحتاروا في إطفائها، فعادوا إلى أخيهم أنتيف، فسار معهم إلى النار وأخرج ما في بطنه من ماء البحر، وألقى به على النار فأطفأها. وسار الجميع في طريقهم، حتى تقابلوا مع امرأة ساحرة دعتهم إلى الراحة والطعام من عناء السير، فوافقوا دون أن يعلموا بسحرها وشرها. وبدأوا في النوم حتى يُعد الطعام، إلا أنتيف كان متيقظاً فرأى المرأة تسن أسنانها لأكلهم، فأوقظ أخوانه وهربوا من نافذة المنزل جرياً، والساحرة تجري خلفهم، فصرخوا فتجمع أهل القرية وعرفوا القصة، وبدأوا بإلقاء الحجارة على الساحرة حتى ماتت. وواصلوا سيرهم حتى وصلوا إلى جدتهم، وأصبح أنتيف أنتيفان أخاً محبوباً، وتقلد رئاسة القرية.

6 - مشيليف ([29])

   كانت هناك امرأة لا تنجب الأطفال، فنصحها أحدهم بأن تحضر طحيناً وتعجنه جيداً، ثم تشكله على شكل دوائر صغيرة، حسب عدد الأبناء المراد إنجابهم. ثم تضع هذه الدوائر في السِّجا - (قربة مصنوعة من جلد الماعز تستخدم في فصل القشدة عن الحليب، وفي صُنع الجبن والزبد) - وتحركهم جيداً برجّ السجا، طوال اليوم نهاراً وليلاً دون توقف. وبالفعل فعلت المرأة ذلك، ولكنها شعرت بالجوع، فأكلت قطعة من إحدى الدوائر. وفي الصباح تحولت الدوائر إلى أبناء لها، إلا دائرة واحدة تحولت إلى ابن مشوه (مشلوف) بيد واحدة. ومرت الأعوام وكبر الأبناء وتزوجوا كلهم إلا مشيليف لم ترض به أية فتاة. فعاش مع أمه وكان يخاف منها كثيراً، حتى لا تأكله، كما أكلت جزءاً منه من قبل عندما كان خبزة. ومن كثرة خوفه تسلق شجرة وبقى فيها فترة من الزمن. وعندما جاءته أمه كي يرعى الغنم، قال لها أن الغنم أتعبني كثيراً، فقامت الأم بأكل الغنم أمامه، فازداد خوفه. وعندما جاءته ليرعى البقر، قال لها: إن البقر أتعبني، فقامت بأكل البقر أمامه. وظلت الأم تحوم حول الشجرة محاولة أكل مشيليف، فأمسك بسيفه وقطع رأسها تخلصاً منها ومن شرورها.

7 - الفتاة اليتيمة والأفعى ([30])

   كانت هناك فتاة يتيمة تعيش مع زوجة أبيها وابنتها. وكانت هذه الزوجة ترعى ابنتها وتلبسها أفضل الثياب، وتوفر لها كل سبل الراحة. أما ابنة زوجها، فكانت تجبرها على القيام بكافة الأعمال المنزلية المرهقة، وتجلعها ترتدي الثياب الرثة، بل وكانت تهمل في تنظيفها وإطعامها، رغم جمالها الكبير. وفي يوم من الأيام الممطرة، أجبرت الزوجة هذه الابنة للذهاب إلى رعي الغنم وإحضار الحطب اللازم للبيت، بعد أن أعطتها حبلاً بالياً لربط الحطب. وبعد أن جمعت الفتاة الحطب، تقطع الحبل البالي، ولم تجد الفتاة ما تربط به الحطب، فخرجت لها أفعى، وطلبت من الفتاة أن تربط الحطب بها بدلاً من الحبل. فخافت الفتاة من الأفعى، ولكنها اطمأنت بعض الشيء أمام إلحاح الأفعى، فربطت الحطب بالأفعى وسارت لتعود إلى المنزل. وفي أثناء السير قالت الأفعى: إذا تزوجتيني سأغنيك بالمال والجواهر. فقالت الفتاة: كيف ذلك وأنت أفعى .. وفجأة تحولت الأفعى إلى ملك شاب وسيم، فوافقت الفتاة. وأخذها الملك وبنى لها قصراً ذهبياً رائعاً. وبعد فترة غياب طويلة، ذهبت زوجة الأب لتبحث عن الفتاة، فرأت القصر الذهبي، وتعجبت لوجوده في هذا المكان، فدخلته من باب الفضول، لتجد ابنة زوجها وقد أصبحت أميرة القصر، ترتدي أفخر الثياب، وعندما سألتها عن سبب هذا كله، روت لها الفتاة قصتها مع الأفعى. فعادت زوجة الأب مسرعة إلى بيتها، وطلبت من ابنتها أن تذهب لإحضار الحطب وتأتي بالأفعى، فرفضت البنت، فقامت الأم بهذا العمل بنفسها، وأدخلت الأفعى على ابنتها وتركتهما معاً فترة، وعندما دخلت على ابنتها وجدتها ميتة من لسعة الأفعى، فتحسرت الأم وندمت على ما فعلت.

8 - الفتاة والثعبان ([31])

   في يوم ما .. تزوج رجل من إمرأة وأنجب منها ابنة واحدة، وبعد فترة ماتت الأم، فتزوج الرجل من امرأة أخرى فأنجبت له ابنة أخرى. وعندما ذهبت العائلة إلى البر (البادية) ليجلبوا الحطب للطبخ، أعطت زوجة الأب ابنة زوجها حبلاً بالياً، وأعطت ابنتها حبلاً جيداً. وعندما ربطت ابنة الزوج حطبها انقطع الحبل وتأخرت عن العودة. أما الابنة الثانية فقد ربطت حطبها وذهبت إلى البيت مسرعة. وبعد الظهيرة جلست ابنة الزوج تبكي، لأنها لم تستطع ربط حطبها. وفي تلك الأثناء ظهر لها ثعبان والتف على حطبها وقال لها: لا تخافي ولا تدعيهم يقتلوني. ثم رجعت إلى البيت بصحبة الثعبان. وعندما رأتها زوجة أبيها خافت من الثعبان ونادت الرجال ليقتلوه. لكن البنت وضعت الثعبان في حجرها وحمته وقالت: لن أسمح لكم بقتله. فقالت زوجة الأب: ستنامين معه هذه الليلة، ووضعوها هي والثعبان في منزل مهجور. وعند الصباح تحول هذا المنزل المهجور إلى قصر كبير. وعندما رأت زوجة الأب القصر والثعبان قد تحول إلى شاب وسيم، قالت لزوجها: اذهب إلى البر وأحضر ثعباناً كبيراً لابنتي حتى تصبح مثل أختها. فذهب الأب إلى البر وأحضر ثعباناً كبيراً، ووضعوا البنت والثعبان في منزل مهجور. وفي الصباح وجدوها ميتة. وعندما رأتها أمها فزعت وأصابها الجنون وماتت من الحزن على ابنتها، وعاشت ابنة الزوج مع أبيها وزوجها في القصر حياة سعيدة.

9 - البنت والغول ([32])

   في قديم الزمان، كانت هناك فتاة يتيمة الأم، فتزوج والدها بامرأة أخرى لديها ابنة من زوجها الأول. وفي يوم من الأيام قالت الزوجة لابنتها وابنة زوجها أن يذهبا ليجمعا الأخشاب. وأعطت الزوجة ابنتها الحبل الجيد، وأعطت ابنة زوجها الحبل القديم البالي. وبذلك انتهت ابنتها من عملها سريعاً، وقد ربطت الخشب بالحبل الجيد وعادت إلى المنزل. أما ابنة الزوج فتعثرت في ربط الخشب، بسبب الحبل المهتريء القديم. وفي أثناء حيرتها أتاها ثعبان و قال لها: أنا سوف أساعدك ولكن بشرط، عندما تعودين إلى المنزل يجب أن تقولي لوالدك بأنك تريدين الزواج بي! فاندهشت الفتاة من هذا الشرط، ولكنها وافقت عليه في نهاية الأمر، فالتف الثعبان على الخشب، الذي حملته الفتاة وذهبت إلى المنزل، وقالت لأبيها أنها تريد الزواج من الثعبان! فرفض والدها طلبها، ومع الإلحاح وافق. وتزوجت الفتاة الثعبان، وفي ليلة زفافها قال لها الثعبان: سأقوم بقرص بعض الأجزاء من جسدك، وكلما قرصتك من مكان، تتأوهين وتقولين آه آه. فقالت له حسناً. فقام الثعبان بقرصها من أذنيها ثم رقبتها ثم ثم إلخ، وفي كل مرة تتأوه الفتاة قائلة آه آه .. وكانت زوجة أبيها تتسمع إليها من الخارج فرحة بإيلامها، قائلة: هذا حسن .. موتي هذا جزاؤك. ثم سكتت الفتاة فجأة، فقالت الزوجة لزوجها: أذهب لترى ابنتك، فهي في عداد الأموات الآن. وعندما فُتح الباب، ظهرت الفتاة وهي مزينة بالذهب من رأسها إلى قدميها. فصعقت زوجة أبيها حقداً، وقالت في نفسها: يجب أن أزوج ابنتي لثعبان ما. فذهبت تبحث عن ثعبان حتى وجدته، فأحضرته إلى ابنتها، ووضعتهما في غرفة وأغلقت عليهما. وبدأت تتسمع للأصوات الصادرة من داخل الغرفة، فسمعت ابنتها تتأوه وتقول آه آه .. ففرحت الأم قائلة: زدها يارب زدها. وبعد أن صمتت ابنتها، فتحت باب الغرفة لترى ابنتها، فوجدتها جثة هامدة، بعد أن لدغها الثعبان.

10 - البنت والساحر ([33])

   كانت فتاة جميلة ترعى الماعز، وكانت تهتم اهتماماً كبيراً بإحداها. وفي يوم ما هجم عليها ساحر واختطفها، فعادت الماعز إلى الديار بدون الفتاة، فظن أهلها بأنها ماتت وهكلت. وفي هذه الفترة تزوج الساحر من الفتاة، وأنجبها ولداً. وفي يوم ما أخرج الأهل الماعز كعادتهم كل يوم، فشردت إحداها، والتي كانت ترعاها الفتاة قبل اختطافها، حتى وصلت إلى مكان الفتاة. فأخذت الفتاة في حلب العنزة وأكلت منها حتى شبعت، ومن ثم عادت العنزة إلى الحظيرة متأخرة. وتكرر هذا الأمر أياماً كثيرة، حتى شك الأهل في هذه العنزة، فقرر شقيق الفتاة أن يراقب هذه العنزة، وبالفعل راقبها حتى اكتشف أن شقيقته على قيد الحياة، وأنها تزوجت من الساحر رغماً عنها، بل وأنجبت منه ولداً. فطلب منها الهرب معها، ولكنها قالت له: أنا جسد بلا روح، حيث إن الساحر يرد لها الروح عندما يحضر، ويسلب منها الروح عندما يخرج. لذلك اتفقت مع شقيقها أن يأتي يوم الجمعة، فيكون الساحر نائماً، وتكون الروح رُدت إليها، فيقوم الشقيق بقتله. كما أوضحت له بعض الأمور، منها: إن الساحر له ثلاثة رؤوس، فيجب عليه قطع رأسه الوسطى لأنها الرأس المميتة، وأن يقطعها بضربة واحدة من سيفه، ولا يزد الضربات، حيث إن الساحر يموت بضربة واحدة فقط، وإذا زادت الضربات، تُرد له الحياة مرة أخرى. وبالفعل حضر الشقيق يوم الجمعة وقام بضرب رأس الساحر الوسطى بضربة واحدة من سيفه، فقال الساحر زد في الضرب، فرد عليه الأخ: (أهلي لم يعودوني على أكل العصيد .. عودوني على ضرب الحديد)، فمات الساحر. وأخذ الأخ أخته وهربا، ولكن ابنها من الساحر تتبعهما، فرأته الأم وطلبت من أخيها أن يقتله لأنه ابن الساحر، وسيكون ساحراً مثل أبيه عندما يكبر، فقام الأخ بإلقائه في البئر ورحل مع أخته، وبعد مسافة وجدا ابن الساحر خلفهما يقول: (عاق عاق استحميت وأتيت)، فقالت الأخت اقتله وخلصنا منه، فقام الأخ بربطه من عنقه في شجرة. وتابع الأخ وأخته السير، وبعد فترة وجدا ابن الساحر خلفهما يقول: (عاق عاق اتمرجحت وأتيت)، فقالت الأخت لأخيها لا ينفع معه إلا القتل، فقام الأخ بإلقائه في النار، ورحل مع أخته. وبعد مسافة وجدا ابن الساحر خلفهما يقول: (عاق عاق تدفأت وأتيت)، فقام الأخ بقطع رقبته، وأخذ أخته ورحل.

11 - البنت والنوبي ([34])

   كان هناك رجل وزوجته لديهما ابن وابنة، ولهذا الرجل أخ لديه سبع بنات. وفي يوم من الأيام ذهبت البنات السبع إلى البر (البادية)، وشربن من بئر النوبي، وعندها غضب النوبي، أراد أن يأكل البنات السبع، ولكنهن اقترحن عليه إحضار ابنة عمهن، لأنها أجمل منهن، فوافق. وفي اليوم التالي أحضرت البنات ابنة عمهن إلى النوبي فقبض عليها وحبسها بين جبلين. وفي أحد الأيام اقترب أحد رعاة أبيها من مكانها وأخذ ينشد وينادي على الماشية، فنادت عليه وقالت: يالمنادي لا تنادي .. سلم على أخي وأخبره أنني بين الجبال. فذهب الراعي وأخبر أخيها بالأمر فذهب الأخ مع الراعي إلى مكانها. وعندما نادى الراعي ردت عليه الأخت، فسمع أخوها صوتها واهتدى إلى مكانها وذهب إليها، ولكنها خافت عليه من النوبي، فحولت أخيها إلى إبرة. وعندما جاء النوبي قال لها إني أشم رائحة إنس فأنكرت ذلك وقالت له: أنت تذهب في الصباح وتعود في المساء فماذا يميتك وماذا يحييك. فقال لها: يقتلني سيفي عندما أُضرب به ضربةً واحدة، فإذا زاد عن ضربة لا أموت. وفي الغد استعد أخوها لقتل النوبي، فضربه ضربةً واحدة بسيف النوبي. فقال النوبي: أضرب و زد. فقال الأخ: (أهلي لم يعلموني على أكل العصيد, علموني على ضرب الحديد, أضربُ ضربةً و لا أزيد). فمات النوبي وعاد الأخ بأخته إلى البيت، وعمت الفرحة جميع أفراد الأسرة. وأقيم زفاف البنت من أحد أقاربها وعاشت سعيدة ([35]).

12 - الفتاة عويش ([36])

   فتاة جميلة يتيمة اسمها عويش ([37])، كانت تعيش مع والدها الصياد الفقير، وكانت تخرج معه كل يوم في رحلة صيده، ولا تعود معه إلا في آخر النهار. وقد كانت حياتهم بسيطة بائسة، بالكاد يحصلان على قوت يومهما، فالبحر لا يجود دائماً بالخيرات. وفي يوم من الأيام، وأثناء عودة عويش مع أبيها من الصيد، إذ بهما يشاهدان سراجاً مضيئاً من بعيد على الضفة الأخرى من البحر. فاقترب الصياد من المكان وأمر ابنته بالذهاب إلى أهل ذاك السراج، لعلها تحصل منهم على بعض الماء والزاد. فذهبت عويش، وعندما اقتربت وجدت امرأة جالسة أمام بيت صغير تمشط شعر ابنتها قبيحة المنظر، فسلمت عليهما عويش، وسألت السيدة عن ماء وزاد. فدخلت السيدة إلى منزلها، وأحضرت لها سلة بها بعض الطعام وقربة من الماء. ولم تكتف السيدة بذلك بل أخذت تجذب الفتاة إليها وتتلمسها، ثم سألتها: لماذا لا تمشيط شعرك أمك؟ فردت عويش قائلة: بأن أمها قد ماتت. فأعربت السيدة عن أسفها وأخذت تمشط شعر عويش، ولم تتركها حتى أتمت تمشيطها. ثم عادت الفتاة إلى أبيها وهي تحمل السلة وكانت فرحة جداً، وسعد الأب عندما رأى ابنته سعيدة وتمنى لها الخير. وبقي الحال على ذلك فترة طويلة، فبعد كل رحلة كانت عويش تذهب إلى السيدة وتحضر قوت اليوم لها ولأبيها وتمشط السيدة شعرها. وفي مرة من المرات، وبينما كانت السيدة تمشط شعر عويش، فإذا بها تهمس في أذنيها وتطلب منها أن تقنع أباها بأن يتزوجها، وتصبح هي بمثابة أمها. فرحت عويش بهذا الاقتراح وتقبلت الفكرة وكانت في قمة السعادة. وعندما عادت إلى والدها طرحت الفكرة عليه، لكنه رفض لأنه مازال يعيش على ذكرى أمها، وأنه لا يريد لها زوجة أب، خوفاً أن تعاملها بسوء. ولكن الابنة لم تيأس وظلت تلاحق أباها بطلبها، وكذلك السيدة لا تكف عن الإلحاح بالأمر إلى أن وافق في النهاية. فانتقلت السيدة مع ابنتها إلى منزل الصياد وابنته، وبدأت معاملتها لعويش تتغير كثيراً. حيث كانت تأمرها بإنجاز كل أعمال المنزل وتعاملها بقسوة وجفاء. وفي يوم من الأيام ذهبت عويش لتستقبل والدها الذي جاء من الصيد وكان يحمل ثلاث سمكات، وكان من بين الأسماك نوع يُسمى (بديحة). وبينما كانت عويش تسير في الطريق حاملة الأسماك، فإذا بها تسمع صوتاً يقول لها: اتركيني وسوف أسعدك .. اتركيني وسوف أسعدك!! فنظرت عويش حولها فلم تجد أحداً! ثم سمعت الصوت نفسه يقول لها: أنا هنا في الكيس الذي في يدك!! وعندما فتحت عويش الكيس، وجدت سمكة البديحة تتكلم، وتطلب منها أن تعيدها إلى البحر، وسوف تسعدها وتحقق لها أحلامها مقابل ذلك. فصدقتها عويش وأرجعتها إلى البحر، ثم عادت إلى المنزل وهي تحمل سمكتين فقط. ثم قامت زوجة أبيها بطهي السمكتين ووضعت الطعام. وعندما حضر الصياد قال لزوجته أين البديحة؟ فردت عليه قائلة: لم يكن بالكيس البديحة! وبعد تفكير، قالت: لقد عرفت من أخذ البديحة، إنها عويش وسوف أعاقبها على فعلتها. وبالفعل عاقبت المرأة الفتاة بأن حرمتها من الطعام. بعد ذلك خرجت عويش من المنزل حزينة لما جرى لها، وذهبت إلى الشاطيء ونادت على البديحة بصوت عال. فخرجت لها البديحة من البحر وسألتها عن سبب حزنها، فقصت عليها عويش ما جرى لها بسببها. فقالت لها البديحة: لا عليك، ثم طلبت منها أن تغمض عينيها ففعلت. وعندما فتحت عينيها وجدت مائدة من الطعام، فيها ما لذّ وطاب، فأكلت عويش حتى شبعت. وفي يوم من الأيام أعلن ابن السلطان أنه سيقيم حفلة في قصره، وسوف يختار عروسه في هذه الحفلة، والدعوة عامة. وفي يوم الحفلة وبينما كان الأب في رحلة صيده كالعادة، قامت زوجته بنثر الشعير والحبوب حول المنزل بكميات كبيرة على التراب، ثم أمرت الفتاة عويش بأن تقوم بالتقاطها مع تفريق كل نوع على حده، كي تمنعها من حضور الحفلة. فبكت الفتاة كثيراً، وذهبت إلى البديحة تشكو إليها ما فعلته زوجة أبيها كي تمنعها من حضور الحفل، بالإضافة إلى ثيابها الرثة، فقالت لها البديحة: سأحلّ لك هذه المشكلة، ولكن أغمضي عينيك. فأغمضت عويش عينيها، وعندما فتحتهما وجدت نفسها ترتدي أجمل الثياب. ثم قالت عويش للبديحة: وماذا أفعل بالشعير والحبوب المتناثرة على الأرض؟ قالت البديحة: سأحل لك هذه المشكلة أيضاً، ولكن بشرط أن تنصرفي من الحفلة في وقت محدد. وحددت لها توقيت عودتها من الحفلة. وعندما عادت عويش إلى المنزل، رأت عدداً كبيراً من العصافير يلتقط الشعير والحبوب من الأرض، فذهبت عويش إلى الحفلة. وعندما دخلت قاعة الحفل، أخذت أنظار كل الموجودين تتجه نحوها، خصوصاً ابن السلطان وزوجة أبيها. وبعد فترة زمنية قصيرة، تذكرت عويش وعدها للبديحة بأن تنصرف في وقت محدد، وهذا الوقت حان الآن، فغادرت القصر مسرعة، فسقط حذاؤها في الغدير الذي تشرب منه الخيول. فخرج وراءها ابن السلطان ولكنه لم يدركها، فسمع أصوات الخيل تصهل بقوة عند الغدير، فذهب ليعرف السبب فوجد حذاءً لامعاً، أخاف لمعانه الخيول. فعرف أنه حذاء الفتاة الجميلة، فقرر الزواج من صاحبته. وبدأ مع حراسه رحلة البحث عن صاحبة الحذاء، حتى وصل إلى منزلها. وعندما رأته زوجة أبيها، قامت بإخفاء عويش في التنور (حفرة تستخدم لإشعال النار من أجل الطهي) وغطته حتى لا يراها أحد. فطلب منها حراس ابن السلطان، أن تحضر بناتها للتحقق من قياس قدم كل فتاة على الحذاء. فقالت لهم: ليس لديها سوى ابنة واحدة .. وعندما حضرت لم يكن الحذاء مقاسها. وعندما بدأ موكب ابن السلطان في الرحيل، صاح الديك قائلاً: كوكو .. كوكو .. الشلقا والبلقا فوق السرير .. وعمتي الزينة في التنور!! فتوجه الحراس إلى التنور فوجدوا الفتاة عويش فيه، وقامت بقياس الحذاء، فجاء على قياسها، فسعد ابن السلطان بذلك، وقررالزواج منها، وترك لها بضعة أيام في بيت أبيها حتى تعد أمورها للزواج. فقامت زوجة أبيها بإجبارها على أكل البصل والسمك المملح عدة أيام قبل ليلة زفافها. وفي ليلة الزفاف استأذنت عويش زوجة أبيها للخروج قليلاً، ثم ذهبت إلى البديحة وقالت لها ما حدث. فردت عليها البديحة قائلة: أطلبي من زوجك عندما تزفين إليه أن يفرش عباءته وتقيئي عليها. فقالت عويش: كيف ذلك؟ قالت البديحة: أفعلي ما أقوله لك، وسوف تسعدين. فقامت عويش بتفيذ ما طلبته البديحة، وتقيأت ذهباً وفضة. وانتشرت القصة بين الناس، فطلب الأخ الأصغر لابن السلطان أن يتزوج من أخت زوجة أخيه. فظنت الأم أن ما حدث لابنة زوجها كان سببه أكل البصل والمملح، فأجبرت ابنتها على أكله قبل زفافها، حتى تتقيأ ذهباً وفضة، ولكن ابنتها تقيأت ليلة زفافها فضلات وقاذورات، فأعادها زوجها إلى بيت أمها خائبة ([38]).

13 - المدخن والفحم ([39])

   كانت هناك فتاة، سافر والدها وراء رزقه، وهذه الفتاة كانت تعيش مع زوجة أبيها وابنة زوجة أبيها. وكانت زوجة الأب تأمرها بجميع الأعمال المنزلية، وتترك ابنتها بدون عمل، إلى أن تعودت على الكسل. وفي يوم من أيام الله، كان الجو ممطراً، فقالت زوجة الأب لابنة زوجها أن تذهب إلى وسط المدينة كي تحضر الفحم في المدخن (وعاء يستخدم لإشعال النار)، لأن الجو كان بارداً . فقالت الفتاة: من أين أجلب الفحم المشتعل في هذا الجو الممطر؟ فقالت لها زوجة الأب: اذهبي لإحضار الفحم وإلا سأطردك خارج المنزل في هذا الجو الممطر. فذهبت الفتاة وتوكلت على ربها، وظلت تمشي إلى أن وصلت إلى مكان الفحم، فوجدت بحراً يفصل بينها وبين الفحم، فقالت: توكلت عليك يارب، وبدأت في النزول إلى البحر، وفجأة انشق لها البحر فسارت فيه بسلام حتى وصلت إلى الضفة الأخرى، لتجد ثلاثة رجال، فألقت عليهم السلام، فردوا عليها. ثم طلبت منهم أن يعطوها القليل من الفحم، لأن زوجة أبيها طلبت منها ذلك، وهي لا تستطيع أن تخذل زوجة أبيها لأنها مثل والدتها. فأعطاها الرجال الفحم، فقالت لهم: جزاكم الله ألف خير. فقال الرجل الأول: يارب زد من جمالها، وقال الرجل الثاني: يارب ألبسها أحسن الملابس، وقال الثالث: يارب أجعل الذهب يخرج من فمها عندما تنطق. وعندما وصلت الفتاة إلى المنزل، ظهرت أمام زوجة أبيها وأختها في غاية الجمال، وفي أحلى الملابس. وعندما سألتها زوجة أبيها من أين لها بهذا كله؟ قصت عليها قصتها مع الرجال الثلاثة، وما قالوه من دعوات. وفجأة وفي أثناء حديثها، خرج من فمها ذهب كثير. فتعجبت زوجة الأب من ذلك، وأمرت ابنتها الكسولة بإحضار الفحم من المكان نفسه، كي تجد الرجال ويدعون لها. ولكن الفتاة غضبت من طلب أمها، وظلت تطلق الشتائم والسباب على أمها وعلى أختها، وخرجت لإحضار الفحم وهي متضررة. وعندما وصلت إلى البحر، قالت: الله لا يعطيهم الرحمة .. كيف سأمر من خلال الماء؟! ومشيت في البحر فابتلت ملابسها بالماء، وعندما وصلت إلى مكان الفحم، وجدت الرجال الثلاثة، فقالت لهم: كل الذي حصل لي بسببكم، أتمنى أن لا تجدوا العافية، أعطوني هذا الفحم. فأعطاها الرجال الفحم، وقال الرجل الأول: يارب أجعلها في غاية القبح، وقال الثاني: يارب أجعل منظرها قبيحاً، وقال الثالث: يارب أجعل العقارب تخرج من فمها وهي تتحدث. وعندما وصلت الفتاة إلى المنزل، اندهشت أمها من منظرها القبيح البشع، وعندما سألتها عن سبب هذا القبح، بدأت تتحدث فخرجت العقارب من فمها وهي تتكلم، فندمت الأم وتحسرت على ابنتها.

14 - الطير الأخضر ([40])

   في سالف العصر والأوان، كان يعيش رجل مع ابنه وابنته بعد وفاة أمهما. وكانت لهذه الأسرة جارة تهتم بالفتاة، حيث تقوم بتمشيط شعرها وغسل ثيابها. وبعد فترة طلبت الجارة من الفتاة أنها تريد أن تكون أماً لها ولأخيها، ويجب عليها أن تطلب من أبيها أن يتزوج من جارته الحنونة. فعرضت الفتاة الأمر على أبيها وأخيها، فأجاب الأب بأنه يخشى من غدر هذه الجارة عليها وعلى أخيها. وأمام هذا التردد أصرّ الابن على عدم زواج أبيه إصراراً شديداً. ووصل هذا الحوار إلى الجارة عن طريق الفتاة، فاستمرت في الإلحاح، والضغط على الفتاة حتى تمّ لها ما أراد، وتزوجت من الرجل. وبعد عدة سنوات، كبر الابن وأصبح صبياً، فاستغلت الزوجة فرصة غياب أبيه وقامت بذبحه وتقطيعه، ووضعت قطعة من جسده في طعام زوجها، انتقاماً منه لأنها لم تنس معارضته في زواجها من أبيه. تمّ هذا كله أمام أخته، التي أخذت في البكاء على أخيها، فهددتها زوجة أبيها، بأن تصمت وتخفي هذا السر، وإلا سيكون مصيرها كمصير شقيقها. وعندما خرجت الزوجة من المنزل، قامت الأخت بجمع عظام أخيها ودفنتها في حديقة المنزل. وعندما عاد الأب وسأل عن ابنه، أخبرته زوجته بأنه ذهب إلى بيت جده، وقدمت له الطعام. وبعد الانتهاء من الطعام، تمّ إلقاء العظام المتبقية خارج المنزل، فجمعتها الأخت ودفنتها في الحفرة أيضاً. وبعد بضعة أيام، وأثناء جلوس الزوجة والأخت مع مجموعة من النساء في حديقة المنزل، تحولت عظام الأخ المدفونة إلى طائر، حلق فوقهم وأخذ يغني ويقول: أنا الطير الأخضر .. زوجة أبي ذبحتني، ووالدي أكل من لحمي، وأختي الحنونة جمعت عظامي. فتعجبت النساء من كلام الطائر، الذي استكمل أغنيته قائلاً: لا أغني إلا عن تلك المرأة، وأشار إلى الزوجة قائلاً: لتفتح فمها .. فرفضت، ولكن النساء أجبرتها على ذلك، فألقى الطائر في فمها شوكة مسمومة فماتت على الفور. وأضاف الطائر قائلاً، بعد أن أشار إلى أخته: وتلك الفتاة فلتفتح حجرها، ففتحت .. فألقى فيه المال والذهب والفضة والماس والزمرد، وطار الطير في السماء. فقامت الفتاة بالذهاب إلى الحفرة التي دفنت فيها عظام أخيها، فوجدت العظام تحولت إلى ذهب. فعاشت الفتاة بهذه الثروة سعيدة مع أبيها.

15 - علقة اللؤلؤ والمرجان ([41])

   يُحكى أن رجلاً ماتت زوجته وتركت له سبع بنات، وكان الرجل مولعاً بالسفر. وفي إحدى سفرياته طلبت كل ابنة طلباً منه، كي يحضره لها من سفره، وكان طلب الصغرى علقة اللؤلؤ والمرجان. وعند عودة الأب تذكر جميع طلبات بناته، ونسى طلب الصغرى. فأخذ يبحث عن علقة اللؤلؤ والمرجان، حتى يأس من البحث. فسأل امرأة مسنة عنها، فقالت له إنها موجودة في شجرة مسحورة وهي شجرة (الغاف) يسكنها شيطان، ووصفت له مكانها. فذهب الأب إلى الشجرة، فوجد زوجة الشيطان أسفلها، فسألها عن طلبه فقالت له: إن العلقة موجودة أعلى الشجرة، ولكن احذر الشيطان لأنه نائم في الأعلى. فلم يهتم الرجل وصعد الشجرة، التي قالت له انزل سريعاً فإذا استيقظ الشيطان النائم سوف يأكلك، ولكنه لم يهتم لكلامها، وظل يصعد فاهتزت أغصان الشجرة، فاستيقظ الشيطان ووجد الرجل، فقال له: إذا وقعت من الشجرة على الأرض وسقط جسدك في ظلها، سأتركك. وإذا وقع جسدك في الشمس سألتهمك حياً .. فوقع جسد الرجل نصفه في الظل ونصفه في الشمس، فاحتار الشيطان، قائلاً للرجل: لماذا صعدت إلى الشجرة، فقال الرجل: أريد علقة اللؤلؤ والمرجان لابنتي الصغرى، فرد عليه الشيطان قائلاً: سأطلق سراحك إذا وافقت على زواجي من ابنتك هذه، فوافق الرجل حتى ينقذ نفسه من الموت. فقال الشيطان: متى أحضر إليك لإتمام الزواج، قال الرجل: (احضر في ليلة شرق وليلة غرب وليلة الحصان يتبول دم). ومرت سنوات على هذه الحادثة، وكبرت البنات، خصوصاً الابنة الصغرى، حتى صارت امرأة ناضجة. وفي إحدى الليالي جاء الشيطان يطلبها من أبيها، كما وعده منذ سنوات. فاحتال عليه الأب بأن أخرج له بناته الست الواحدة تلو الأخرى، والشيطان لا تعجبه أية واحدة. حتى جاء الدور على السابعة، فطلب منها والدها أن تلطخ وجهها بالفحم حتى لا يُعجب بها الشيطان، ولكن الشيطان عرف ذلك، فرش وجه الفتاة بالماء فتساقط قناع الفحم، وأُعجب بها وطلبها للزواج. ولكن الأب رفض ذلك، فهدده الشيطان، فتدخلت الابنة ووافقت على الزواج، فأخذها الشيطان إلى شجرة الغاف وتزوجها وأنجب منها سبعة أبناء. وبعد مرور عدة سنين مات الشيطان، وظلت الفتاة مع أبنائها في الشجرة. وفي يوم جاءت إليها ضبعة كبيرة تريد أن تأكل، فخافت الفتاة على نفسها وعلى أولادها فأعطتها الطعام، وهكذا كل يوم حتى نفذ الطعام. فطالبت الضبعة بأحد أبنائها وإلا أكلت الجميع، فوافقت المرأة وفضلت التضحية بأحد الأبناء على أن تضحي بالجميع، وبسبب هذه التضحية الأليمة ماتت الأم. ولكن الضبعة ظلت تلتهم الأبناء الواحد تلو الآخر، فلم يبق سوى ولد وبنت، وخشت الأخت على أخيها من الضبعة وأصرت على عدم التضحية بعد ذلك، وعندما جاءت الضبعة هربت الأخت بأخيها بين الأغصان فحاولت الضبعة الألحاق بهما، ولكنها تعثرت بأحد الأغصان المدببة الذي غُرز في بطنها، فماتت. فندمت الأخت على فقدان جميع أخوانها وأخواتها، وأخذت أخاها المتبقي مع كلبتها وهربت من الشجرة. وفي أثناء السير سألت الفتاة كلبتها ماذا تشاهدين من بعيد، فقالت الكلبة: أشاهد جبلاً كبيراً، فقالت الفتاة يحب أن أقتلك أو أن تقتليني، فقالت الكلبة: أنت راعيتي لذلك اقتليني، فقتلتها الفتاة وارتدت جلدها وسارت طويلاً حتى دخلت إلى المدينة مع شقيقها، فخلعت جلد الكلبة، فرآها السلطان وأُعجب بها وتزوجها، فأصبحت زوجته الثانية، لأنه متزوج من امرأة أخرى. وفي يوم ما وهي تسير بجوار شقيقها، رأت بركة ماء، فأراد الأخ أن يشرب منها، فحذرته أخته بألا يشرب لأن الماء ماء غزال، فلم يهتم الأخ بذلك، وشرب فتحول سريعاً إلى غزال، وأخذ يقول لأخته (أنا ما أخوك أنا أخو الغزال). ظلت الأخت حزينة على أخيها، وفي أحد الأيام وهي جالسة عند البركة تمشط شعرها، دفعتها زوجة السلطان الأولى فسقطت في البركة. وظل السلطان يبحث عنها بلا فائدة، فشك في زوجته الأخرى، خصوصاً وأنه رأى الغزلان تحوم حول البحيرة محدثة أصواتاً عالية، فأمر السلطان الصيادين بنزول البركة والبحث عن سمكة كبيرة، ففعل الصيادون واصطادوا سمكة هامور كبيرة، وفتحوا بطنها ليجدوا الزوجة ومعها طفلين حديثي الولادة، قالت إنها ولدتهما في بطن السمكة.

16 - السمكة والثعبان ([42])

   هذه حكاية ابنة يتيمة، تزوج والدها بامرأة أنجبت له ست بنات، وكانت زوجة الأب قاسية ظالمة على ابنة زوجها، بسبب جمالها، حيث كانت أجمل من بناتها بكثير. لذلك كانت زوجة الأب تجبرها على القيام بجميع أعمال المنزل، وكانت تجعلها ترتدي الملابس الرثة، وتضع على وجهها الفحم الأسود لتشوه جمالها الطبيعي. وفي يوم من الأيام طلبت زوجة الأب من ابنة زوجها أن تذهب إلى البحر لتجلب السمك من أبيها الصياد، وأثناء سيرها تقابلت من والدها وهو يحمل سمكة كبيرة من نوع (البياحة)، فأخذتها منه. وأثناء عودتها إلى المنزل تحدثت السمكة معها، وطلبت أن تعيدها إلى البحر. فاندهشت الفتاة وسألت السمكة: من أنت؟ فقالت: أنا جنية البحر ووالدك اصطادني. فقالت لها الفتاة: أنا لا أستطيع تركك لأن زوجة أبي قاسية، فقالت السمكة: أعديني إلى البحر وسوف أقدم لك كل ما تطلبين. فأعادتها الفتاة وكافأتها السمكة بأن أعطتها كمية كبيرة من الأسماك. عادت الفتاة إلى المنزل وهي محملة بالأسماك، وسط دهشة من الجميع، خصوصاً زوجة أبيها. وفي اليوم التالي قالت زوجة الأب للفتاة: اذهبي إلى البحر وأحضري كمية من الأسماك مثل الأمس، وإلا سأضربك. فذهبت الفتاة إلى البحر ونادت على البياحة، التي خرجت لها وأعطتها كمية كبيرة من الأسماك. وهكذا كان الأمر كل يوم حتى نفذت الأسماك من البحر. وبعد عام من هذه الحادثة، أمرت زوجة الأب جميع بناتها بإحضار الأخشاب، وأعطت كل واحدة حبلاً جيداً لربط الأخشاب، إلا ابنة زوجها فأعطتها حبلاً بالياً. وكان هذا اليوم ممطراً ورياحه عاصفة. واستطاعت جميع الفتيات إنهاء العمل بسرعة وربط الأخشاب بالحبال الجيدة، إلا ابنة الزوج تعثرت في مهمتها بسبب حبلها البالي، فنزل إليها ملك من السماء برحمة من الله على هيئة ثعبان، قال لها لا تخافي، والتف على الأخشاب وربطها وحملت الفتاة الأخشاب وعادت إلى المنزل. وظلت الفتاة تعيش في تعاسة وشقاء بسبب زوجة أبيها، حتى جاء يوم كانت ترعى فيه الأغنام وتغني، فسمعها شيخ القبيلة وراقبها لعدة الأيام، فوجدها تغسل وجهها وتزيل الفحم من عليه ليظهر جمالها، فتعلق قلبه بها. وفي يوم ظهر لها فجأة وهي تغني وسألها: أتحبين أن تغني في قصري؟ فقالت له: لا أستطيع لأن زوجة أبي قاسية وستمنعني. فقال لها: لا تهتمي بها. وفي اليوم التالي وجه الشيخ الدعوة لجميع السكان لحضور حفلة في قصره. وفي يوم الحفلة استعدت زوجة الأب وبناتها للذهاب إلى القصر، وعندما أبدت الفتاة رغبتها في الذهاب نهرتها زوجة الأب وطلبت منها تنظيف المنزل بأكمله، وأضافت لها عدة أعمال أخرى مرهقة، ثم تركتها وانصرفت هي وبناتها إلى الحفل. بكت الفتاة بكاءً شديداً، فظهر لها الثعبان مرة أخرى، وطمأنها وساعدها في إنهاء جميع الأعمال المطلوبة في سرعة فائقة، وبالتالي أصبح المجال متاحاً لها لحضور الحفل. وبالفعل ذهبت الفتاة إلى الحفل بمظهرها المتسخ وملابسها الرثة، وبدأت في الغناء وسط دهشة الجميع من جمال صوتها. ثم طلب والد الشيخ من ابنه أن يختار زوجة من بين الحاضرين، فوقع اختياره على الفتاة. فاندهش والده من اختياره لفتاة ذات وجه أسود ورثة الثياب، ولكن الشيخ أصرّ على اختياره. وفي اليوم التالي، ذهب الشيخ إلى منزل الفتاة لطلب يدها للزواج، فقابلته زوجة الأب وعرضت عليه بناتها الست، ولكنه قال أنه يريد السابعة. فقالت له زوجة الأب إنها سوداء وقبيحة، فطلب أن يراها. فدخلت زوجة أبيها إليها وأجبرتها على وضع المزيد من الفحم على وجهها، وخرجا إلى الشيخ، الذي طلب من جميع البنات محاولة قطع حبل معين كان معه، ومن ستقطعه ستكون زوجته. ففشلت البنات الست إلا الفتاة نجحت في قطعه، فقرر الزواج منها. فغضب والده منه، ولكنه طمأنه حيث أدخلها مع بعض الجاريات لتغتسل، فخرجت الفتاة على الجميع تشع نوراً وجمالاً، وتزوجت من الشيخ وعاشت حياة جميلة مستقرة بعيدة عن ظلم زوجة أبيها.

17 - لؤلؤ ومرجان ([43])

   رجل له سبع بنات وولد واحد، وفي يوم أراد السفر فطلب كل فرد من أبنائه طلباً معيناً، إلا أصغر بناته فرفضت أن تطلب. وعندما سألها الأب: لماذا؟ قالت له: لأنه لا يستطيع أن يأتي بطلبها. فعزّ على الأب ذلك، فصمم على معرفة طلبها، فقالت له: إنها تريد لؤلؤ ومرجان. وعندما أنهى الأب رحلته وأراد العودة، بدأ في شراء طلبات أبنائه، ولكنه لم يجد اللؤلؤ والمرجان. وعندما سأل الناس قالوا له: إنه موجود في شجرة مسحورة، يحرسها ساحر. فذهب الأب إلى الشجرة ليجد حارسها الساحر نائماً أسفلها، فصعد على أغصانها، فأشفقت الشجرة على الرجل، وكلما اهتزت أغصانها سألها الساحر - وهو ما بين اليقظة والمنام - ما بك أيتها الشجرة؟ فترد عليه قائلة: إنها الرياح. ولكن الرجل قطع غصناً كبيراً، فأحدث صوتاً أدى إلى إيقاظ الساحر، الذي رأى الرجل فوق الشجرة، فطلب منه أن يقفز إلى الأرض، فإذا وقع في الشمس تركه لحال سبيله، وإن وقع في الظل فسوف يأكله. فقفز الرجل ووقع نصفه في الشمس والنصف الآخر في الظل!! وهنا احتار الساحر في أمر الرجل. فقام الرجل باستغلال هذه الحيرة وقال للساحر أنا عندي سبع بنات، إذا تركتني سأعطيك إحدى بناتي. فقال الساحر موافق .. ومتى أحضر لك. قال الرجل احضر يوم برد وأمطار ورعد وبرق. وفي اليوم الموعود ذهب الساحر إلى الرجل، وبدأ الرجل في عرض بناته الواحدة تلو الأخرى، حتى انتهى من عرض ست بنات دون أن تعجبه واحدة منهن. حيث قام الرجل بإخفاء أحلى بناته واسمها عوشة ([44]) في صندوق داخل المنزل، بعد أن طلى وجهها بالفحم. وعندما سأله الساحر عن ابنته السابعة، قال له الرجل: إن لديه ست بنات فقط. فذكره الساحر بحديثه السابق، عندما اعترف أن لديه سبع بنات. وهنا صاح الديك الموجود في البيت قائلاً: عمي عوشة في الصندوق. وهنا هجم الساحر على الصندوق وفتحه وأخرج عوشة وألقى على وجهها الماء، فظهر جمالها الكبير، فأخذها الساحر وطار بها إلى المجهول. وبعد مرور الأيام، أخرج الأب قطيع غنمه لترعى كالعادة، فعادت عنزة من قطيعه وفي رقبتها قطعة ذهبية. وتكرر هذا الأمر كل يوم، فأراد ابن الرجل معرفة سر هذه العنزة، فراقبها حتى وجدها تشرد بعيداً عن القطيع وتدخل كهفاً، فدخل خلفها ليجد نفسه أمام شقيقته، التي قصت عليه قصتها مع الساحر، حيث تزوجها وأنجب منها ولداً. ثم اتفقت مع أخيها على كيفية التخلص من الساحر، بأن يضربه ضربة واحدة مميتة، بحيث يفصل رأسه عن جسده. وفي أثناء ذلك حضر الساحر، فاختبأ الأخ تحت السرير. وبعد أن أكل الساحر نام على السرير، فباغته الأخ بضربة قاتلة فصلت رأسه عن جسده، ثم هرب بأخته وابنها. ولكن الأخت طلبت من أخيها قتل ابنها أيضاً لأنه ابن ساحر، وسيكون ساحراً مثل أبيه عندما يكبر، فوافقها الرأي، وألقى به في النار. وبعد مسافة من السير التفتا ليجدا الطفل خلفهما يقول: لقد تدفأت وأتيت. فقام الأخ بتعليقه في شجرة، وأكمل السير مع أخته. وبعد فترة التفتا ليجدا الطفل خلفهما يقول: لقد تمرجحت وأتيت. فألقى الأخ به في بئر، وبعد فترة التفتا خلفهما ليجدا الطفل يقول: لقد استحميت وأتيت، فلم يجد الأخ غير قطع رقبته، ففعل ومات ابن الساحر. وعاد الأخ إلى بيته وانضمت عوشة إلى أخواتها. وفي يوم به برد ومطر وبرق ورعد، جاء حصان بدون رأس ليلعب مع عوشة وأخواتها، وعندما ركبت عليه عوشة أخذها وطار، لتجد نفسها أمام ساحر آخر اختطفها وسجنها في مزرعة أياماً طويلة. وفي هذه الفترة ارتبطت الفتاة عوشة بصداقة كبيرة مع كلبة المزرعة. تلك الكلبة التي كانت تشفق على عوشة، فقررت عوشة بمساعدة الكلبة على الهرب من المزرعة، وبالفعل نجحت خطتهما، وفي أثناء سيرهما في الطريق لاحظت الكلبة أن الساحر يتبعهما من بعيد، فحذرت عوشة، التي قالت للكلبة إما أن تقتليني أو أقتلك أنا. فضحت الكلبة بنفسها، فقامت عوشة بذبحها وسلخها، فوضعت دمها على صخرة أسفل شجرة، ثم وضعت لحمها على أغصان الشجرة، أما جلدها فلبسته عوشة. وعندما حضر الساحر شرب الدماء من على الصخرة، وعندما أراد أن يأكل اللحم من على الأغصان، غُرز غصن في فمه فمات الساحر. وظلت عوشة فوق الشجرة في جلد الكلبة، حتى جاء قطيع من الإبل يخص الشيخ، فبدأت عوشة تألف هذه الإبل وتصادقها، فظن الناس أن الكلبة تحرس القطيع. وقامت صداقة بين عوشة وناقة من القطيع، ولاحظ ابن الشيخ شرود هذه الناقة، فراقبها حتى شاهدها تلعب وتجلس مع الكلبة، وفجأة شاهد الكلبة تخلع جلدها، لتخرج منه فتاة جميلة هي عوشة. فأحب ابن الشيخ هذه الفتاة وقرر الزواج منها، ولكن الأهل اعترضوا عليه، فكيف يتزوج ابن الشيخ كلبة؟! ولكنه أصرّ على طلبه وتزوجها. وأصبحت حديث الناس، والكل يتساءل كيف يتزوج ابن الشيخ كلبة؟ وشك الجميع أن في الأمر سراً، يجب أن يعرفوه. وفي يوم ما أقيمت مسابقة للهجن، اشترك فيها ابن الشيخ، فذهب الناس إلى منزله وصرخوا من خارجه بأن الشيخ وقع في السباق، فخرجت عوشة في فزع ولهفة على زوجها، دون أن ترتدي جلد الكلبة، فشاهدها الناس وعرفوا حقيقتها.


الهوامش



([1]) - ابن منظور – لسان العرب – مادة خرف
([2]) - يوسف غنيمة البغدادي – نبذة فكاهية في الخرافات العامية – مجلة المشرق – 15/10/1905 – ص(955)
([3]) - ابن النديم – الفهرست – دار المعرفة – بيروت، لبنان – د.ت – ص(422)
([4]) – منذ فترة قصيرة، كلفت طالبات كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات العربية، بكتابة بعض التقارير كأنشطة صفية، تدور فكرتها حول (أدب العائلة والقبيلة). وكنت أبغي من طرح هذه الفكرة، الكشف عن الفنون الأدبية المجهولة في العائلة أو في القبيلة. وكنت أرشد الطالبات إلى كتابة هذه التقارير، من خلال الحوار والمشافهة بينهن وبين كبار السن في أسرهن وعائلاتهن، دون الرجوع إلى الكتب والمراجع أو إلى مواقع الإنترنت. وبذلك أضمن أن المادة المجموعة، هي بالفعل من أقوال كبار السن عن طريق المشافهة. ونتج عن هذا الأمر، تجميع قدر لا بأس به من التراث الشفاهي الإماراتي، ولا سيما القصص الخرافية، وهي المستخدمة في هذه الدراسة. ويُلاحظ في أشخاصها، شيوع العنصر النسائي، وذلك لأن أغلب المتحدثات من النساء، كما أن جميع المستمعات أو جامعات هذه الحكايات من الطالبات.
([5]) – أرجو من القاريء أن يقرأ هذه الملخصات في ملحق الدراسة، قبل قراءة الدراسة نفسها.
([6]) – سورة الصافات – آيات (139 – 144)
([7]) – سورة البقرة – آية رقم 50
([8]) – سورة الإسراء – آية رقم 13
([9]) - انظر: سورة البقرة آية 261، وسورة يوسف آية 43، وسورة الحجر آية 87، وسورة الكهف آية 22، وسورة المؤمنين آية 27، وسورة الحاقة آية 7
([10]) - انظر: محمود سليم الحوت – في طريق الميثولوجيا عند العرب – دار النهار للنشر – بيروت – ط2 – 1979 – ص(45، 55)
([11]) - انظر: محمود سليم الحوت – السابق – ص(107)
([12]) - راجع: شوقي عبد الحكيم – موسوعة الفلكلور والأساطير العربية – مطبعة أطلس بالقاهرة – 1995 – ص(547، 548)
([13]) - الأخوان الألمانيان يعقوب جرم، ووليم جرم، ألفا كتاباً عن الحكايات الخرافية في جزئين، الأول صدر عام 1812م بعنوان (حكايات الأطفال والبيوت)، والآخر صدر عام 1814م، وحكاية (العظام المغنية) إحدى قصص هذا الكتاب.
([14]) - فريدرش فون ديرلاين – الحكاية الخرافية – ترجمة د.نبيلة إبراهيم – سلسلة الألف كتاب – عدد 561 – دار مهضة مصر للطبع والنشر – القاهرة – 1965 – ص(71)
([15]) - فريدرش فون ديرلاين – السابق – ص(69)
([16]) - آمنة راشد الحمدان (إعداد) – حكايات شعبية من الخليج – الجزء الأول - مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية – الدوحة – 1994 – (31)
([17]) - فريدرش فون ديرلاين – السابق – ص(69)
([18]) - راجع: كمال الدين محمد بن موسى الدميري – حياة الحيوان الكبرى – الجزء الأول – مكتبة مصطفى البابي الحلبي بمصر – ط5 – 1978 – ص(243، 244)
([19]) - شوقي عبد الحكيم – السابق – ص(164)
([20]) - انظر: محمود سليم الحوت – السابق – ص(71)
([21]) - راجع: كمال الدين محمد بن موسى الدميري – السابق – ص(571، 572)
([22]) – تأبط شراً، ليس بكائن خرافي، بل هو شاعر اسمه ’’ثابت بن جابر بن سفيان بن عدي بن كعب بن حرب بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار. وسُمي (تأبط شراً)، لأنه تأبط سيفاً وخرج، فقيل لأمه: أين هو؟ فقالت: تأبط شراً وخرج! وهذا أشهر ما قيل في سبب تلقيبه به‘‘. المفضليات – الجزء الأول – تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون – مطبعة المعارف بمصر – 1361 هجرية
([23]) - شوقي عبد الحكيم – السابق – ص(265)
([24]) - هذه الحكاية جمعتها الطالبة روية عبيد ربيع راشد، وكانت بعنوان (أنا ما أخوش أنا أخو الغزلان).
([25]) – هذه الحكاية جمعتها الطالبة مروة محمد حمد البدواوي، بدون عنوان، من ابنة عم أبيها السيدة: فاطمة علي محمد بن غريب البدواوي، 58 عاماً. وهي تمثل رواية ثانية لقصة (أنا أخو الغزلان). وربما يُلاحظ القاريء أن اسم (ميّ) من الأسماء الحديثة التي بدأت تُطلق على الفتيات في المنطقة العربية، ولكنه في الواقع اسم قديم وتراثي، هذا بالإضافة إلى وجود منطقة باسم (ميّ) تقع في إمارة الفجيرة.
([26]) - هذه الحكاية كتبتها الطالبة عائشة راشد الكعبي، نقلاً عن والدها، بدون عنوان
([27]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان نفسه، الطالبتان سليمة سالم محمد، و روية عبيد.
([28]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان المذكور، الطالبة ماجدة عبيد المزروعي، نقلاً عن سيف سالم المزروعي من منطقة أذن برأس الخيمة. وهي رواية أخرى لمضمون حكاية (إمشيليف) بأحداث مختلفة.
([29]) - ذكرتها بالعنوان المذكور، الطالبة موزة عبيد الطنيجي نقلاً عن ابنة عمتها نقلاً عن جدتها، وهي رواية ثالثة لمضمون قصتي (إمشيليف) و(أنتيف أنتيفان).
([30]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان المذكور، الطالبات: خولة راشد سيف راشد، وشيخة عبد الله حجي صبي جهلان، وفاطمة سعيد راشد صبي.
([31]) - ذكرت هذه الحكاية بدون عنوان، الطالبة عائشة راشد الكعبي، نقلاً عن والدها. وهي رواية أخرى لحكاية (الفتاة اليتيمة والأفعى).
([32]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان المذكور، الطالبة فاطمة عبد الله الشجاع، نقلاً عن جدتها شيخة حمدان الظنحاني.
([33]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان المذكور، الطالبة روية عبيد ربيع راشد.
([34]) - ذكرت هذه الحكاية بدون عنوان، الطالبة عائشة راشد الكعبي، نقلاً عن والدها. وهي رواية أخرى لحكاية (البنت والساحر).
([35]) - ذكرت هذه الحكاية مع بعض الاختلاف، الطالبات: خولة راشد سيف راشد، وشيخة عبد الله حجي صبي جهلان، وفاطمة سعيد راشد صبي .. وكان عنوانها (قصة الرجل الهام). وأهم اختلاف جاء، تمثل في أن الساحر تشبه للفتاة في صورة بعير، استقلت على ظهره، فهرب بها إلى قصره، ثم تسير الحكاية في طريقها المذكور. كما ذكرت هذه الحكاية أيضاً - بدون عنوان – الطالبة فاطمة أحمد محمد عابد حفيتي، نقلاً والدتها التي سمعتها من جدها البالغ من العمر 70 عاماً ويسكن في قرية صفد الجبلية بالفجيرة. والاختلاف المهم الذي جاء، تمثل في أن الساحر في باديء الأمر أحب الفتاة وعشقها، ولكنها ماتت ودُفنت، فأخذها الساحر من القبر وتزوجها وسكن معها في قمة جبل كبير وأنجب منها ثلاثة أبناء. ثم تذكر الطالبة نفسها رواية أخرى لهذه الحكاية، سمعتها من صديقتها، وأهم ما جاء فيها، أن شاباً وسيماً تقدم لخطبة فتاة جميلة، ولكن أهلها رفضوه لأنهم يعلمون أنه ساحر. وفي اليوم التالي مرضت الفتاة مرضاً شديداً وماتت، وعندما دُفنت أخذها الساحر وتزوجها وأسكنها كهفاً في الغابة، ثم تسير الحكاية بعد ذلك في طريقها المذكور.
([36]) - ذكرت هذه الحكاية، بدون عنوان، الطالبة مروة محمد حمد البدواوي، نقلاً عن ابنة عم أبيها: السيدة فاطمة علي محمد بن غريب البدواوي، 58 عاماً. كما ذكرتها أيضاً الطالبة آمنة سالم حمود بعنوان (الفتاة اليتيمة)، نقلاً عن والدتها بمدينة كلبا بالشارقة، التي نقلتها بدورها عن جدتها. ومن الجدير بالذكر: إن عبد الجليل علي السعد، تحدث عن هذه الحكاية، مع بعض الاختلافات، في مقالته (الخروفة والخريريفة) المنشورة بجريدة الاتحاد الإماراتية يوم 9/10/2003، وأطلق عليها اسم البدنة أو البديحة.
([37]) – اسم (عويش) هو تصغير وتدليل لاسم (عائشة) في اللهجة الإماراتية.
([38]) - نهاية هذه الحكاية تتوافق مع حكاية مستقلة بعنوان (المالح والبصل)، ذكرتها الطالبة فاطمة عبد الله الشجاع، نقلاً عن جدتها شيخة حمدان الظنحاني. وفيها تقول: في يوم من الأيام، كانت هناك فتاة يتيمة الأم، ووالدها تزوج بامرأة أخرى وأنجب منها الأولاد والبنات. ولم تكن زوجة الأب تحب ابنة زوجها، لأنها أجمل من بناتها. ومرت السنون وكبرت الفتاة وأخواتها. وفي يوم من أيام الله، تقدم لابنة الزوج رجل يطلب الزواج منها، فوافقت الفتاة كي تهرب من ظلم زوجة أبيها، ولكنها لم تسلم من شرها. فقد طلبت زوجة الأب مهراً لها ستين علبة كبيرة من المالح، وستين كيساً كبيراً من البصل، وأصرّت أن تأكل الفتاة كل هذا قبل الزواج. فبكت الفتاة بكاءً شديداً، وبدأت في أكل المالح والبصل، فجاءت لها امرأة عجوز لم تعرفها من قبل، وقالت لها: لا تبكي .. كلي هذا كله .. وفي ليلة زفافك قولي لزوجك (أفرش رداءك كي أنام بجانبك)، ولا تخافي. فقالت الفتاة: حسناً. وفي ليلة الزفاف، قالت الفتاة لزوجها: أفرش رداءك كي أنام بجانبك. ففرش زوجها إزاره بجانبها، فتقيأت الفتاة ذهباً كثيراً، ففرح الزوج بزوجته وبذهبها. بعد ذلك، عرفت زوجة أبيها هذه القصة، فازداد غضبها، وقالت في نفسها: يجب أن أزوج ابنتي لرجل، أطلب مهرها المالح والبصل. وبالفعل قامت بذلك الأمر، وأجبرت ابنتها على أكل المالح والبصل، وفي ليلة زفافها قالت ابنتها لزوجها: أفرش رداءك كي أنام بجانبك، وعندما فرش الزوج إزاره، تقيأت الفتاة قاذورات وفضلات، فقام الزوج بتطليقها، وعادت الابنة إلى أمها، فندمت الأم على ما فعلت.
([39]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان المذكور، الطالبة فاطمة عبد الله الشجاع، نقلاً عن جدتها شيخة حمدان الظنحاني.
([40]) - ذكرت هذه الحكاية بالعنوان المذكور، الطالبة موزة عبد الله حمد المرزوقي.
([41]) - ذكرت هذه الحكاية، الطالبة فاطمة أحمد محمد عابد حفيتي، تحت عنوان مكتوب باللهجة الإماراتية، هو (علقة اللولو والمريال)، والمقصود بها، عقد أو حلية تُعلق في الرقبة، مطعمة باللؤلؤ والمرجان.
([42]) - ذكرت هذه الحكاية، بدون عنوان، الطالبة سندية حمود مصبح.
([43]) - ذكرت هذه الحكاية، الطالبة سليمة سالم محمد، بعنوان (لولو ومرجان).
([44]) – وهو تصغير وتدليل لاسم (عائشة) في بعض اللهجات الإماراتية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق