الجمعة، 2 سبتمبر 2011

أحمد أبو خليل القباني


أحمد أبو خليل القباني
رائد إحياء التراث في المسرح العربي
أ.د سيد علي إسماعيل
ـــــــــــــــــــــ
        " التمثيل جلاء البصائر. ومرآة الغابر. ظاهره ترجمة أحوال وسير. وباطنه مواعظ وعبر. فيه من الحكم البالغة. والآيات الدامغة. ما يطلق اللسان. ويشجع الجبان. ويصفي الأذهان. ويرغب في اكتساب الفضيلة. ويفتح للبليد باب الحيلة. ويرفع لواء الهمم. ويحركها إلى مسابقة الأمم. ويبعث على الحزم والكرم. يلطف الطباع. ويشنف الأسماع. وهو أقرب وسيلة لتهذيب الأخلاق ومعرفة طرق السياسة. وذريعة لاجتناء ثمرة الآداب والكياسة. هذا إذا تدرج فيه من ذكر الأحوال. إلى ضرب الأمثال. ومن بيان المنهاج. إلى الاستنتاج. ليرتدع الغرّ عن غيّه ويزدجر. ويجد العبرة في غيره فيعتبر ".
        هذه الكلمات هي الرؤية الفنية، التي صاغها الرائد المسرحي السوري أحمد أبو خليل القباني؛ عندما جاء إلى مصر أول مرة عام 1884م. ومضمون هذه الرؤية، كان توجهاً عربياً عاماً منتشراً بين الشعراء والأدباء، والمعروف بحركة (إحياء التراث العربي)، التي تقلد ريادتها الشعرية محمود سامي البارودي (شاعر السيف والقلم). وهذه الحركة، كانت ملتزمة بوجوب إبراز التراث العربي في جميع أشكاله المُشرقة، وبضرورة مواجهة الثقافة الغربية الوافدة بالثقافة العربية الأصيلة.
        من خلال هذا المفهوم لحركة إحياء التراث العربي، صاغ القباني رؤيته السابقة؛ من أجل تطبيق مفهوم الإحياء في مجال المسرح. وبمعنى آخر: أراد القباني أن يؤسس مسرحاً عربياً فصيحاً - يعرض من خلاله موضوعات تراثية مشرقة، تحمل الكثير من الحكم والأمثال والنماذج الأدبية الرصينة، مزينة بأغانٍ وألحان عربية - ليواجه به العروض المسرحية الأجنبية، أو العروض العربية المعتمدة على نصوص مسرحية مترجمة أو معربة.
        ومن خلال هذا التوجه، يُمكننا تفسير التزام القباني كتابة مسرحياته باللغة العربية الفصحى، بل وعلى عرض جميع مسرحياته بالفصحى - سواء كان كاتبها، أو مكتوبة من قبل غيره - كإسهام منه في مواجهة محاربة المستعمر للغة الفصحى، وفرض اللغة الإنجليزية على التعليم في مصر - في ذلك الوقت - من قبل المحتل الإنجليزي، لا سيما أن الدعوات التي هاجمت الفصحى، وروّجت إلى العامية، ظهرت في هذه المدة، ونسبت إلى المصريين التخلف والعجز بسبب تمسكهم بالفصحى، ونادت باتخاذ العامية لغة للتأليف العلمي والأدبي.
        أما هدف القباني المسرحي من طرح رسالته، فيتمثل في جمهوره الذي سيتخذ من قصص التراث - المُمثلة أمامه - العظة، والعبرة، ليستعين بهما على معايشة الحاضر بصورة سليمة، واستشراف المستقبل بصورة قويمة. كما سيتعلم اكتساب الفضيلة، وطلاقة اللسان العربي، ويجني ثمرة الآداب العربية، ويدفع أمته إلى الأمام، ويستمتع بجمال الألحان. هكذا كان تحديد رؤية القباني المسرحية، والهدف منها. ولم يبق أمامنا إلا تتبع منهج القباني في التزامه برؤيته وتحقيق هدفه، والتعرف على أدوات هذا المنهج، أو التعرف على أسلوبه في التزامه برؤيته، وتحقيق هدفه من إحياء التراث.
        بهذا الفكر الإصلاحي التنويري، عرض القباني مسرحيته الأولى في مصر (أُنس الجليس) عام 1884م، مستوحياً فيها (حكاية الوزيرين التي فيها ذكر أنيس الجليس) المنشورة من الليلة الخامسة والأربعين إلى الحادية والخمسين في كتاب (ألف ليلة وليلة)، ليبرهن من البداية التزامه برؤيته المسرحية - المنبثقة من حركة إحياء التراث - بمعالجة موضوع من التراث العربي الأدبي.
        والمسرحية تدور أحداثها حول الجارية الجميلة أنس الجليس، التي اشتراها الوزير الفضل قينة - أي جارية مغنية - للوالي ابن سليمان، ولكنه لم يسلمها إليه، بل أبقاها في منزله بعض الوقت، فوقع في حبها ابنه علي نور الدين، فرضخ الأب - بدافع الأبوة - ووافق على زواجهما، متحملاً غضب الوالي عليه. ثم يعلم الوالي بهذا الأمر من الوزير ابن ساوي - غريم الوزير الفضل - فينزل جام غضبه على وزيره الفضل، فيهرب الحبيبان إلى بغداد، ويقابلا الخليفة هارون الرشيد، فيعلم قصتهما فيرسل إلى الوالي رسالة يأمره بإقامة العدل. وبعد عدة أحداث، يجتمع شمل الزوجين، ويعود الحق إلى أصحابه، ويُعاقب ابن ساوي على أفعاله، وتنتهي المسرحية نهاية سعيدة.
        والجدير بالذكر إن القباني كان مؤلفاً للمسرحية، أكثر منه مقتبساً لقصتها، أو صائغاً لحكايتها. فالقباني لم يتخلَ عن تعاليم دينه الإسلامي، ولم ينسل من قيمه الخُلقية، ولم يُضحِ بعاداته وتقاليده العربية، كي يفوز برضى جمهوره، ويثبت أقدام فرقته في البيئة المصرية، عند ما عفّ يده عما وجده في حكاية الليالي مما يُغري الجمهور ويُثير شهواته. وهي أمور تخالف مفردات رؤيته المسرحية، وتخالف مبدأ حركة الإحياء في وجوب إبراز التراث بوجه مشرق. فقصة الليالي فيها مشهد تفصيلي غير أخلاقي؛ لم يشر إليه القباني ولو بالإيحاء. كما أنه لم يتطرق في مسرحيته إلى مشاهد شُرب الخمر الكثيرة الموجودة في حكاية الليالي. كما نجح في إظهار هارون الرشيد بمظهر يليق بخليفة المؤمنين في عدله وحكمته، خلافاً لصورته المشوهة في حكاية الليالي.
        لم يكتفِ القباني بذلك؛ لأنّه شحذ ملكته الشعرية، فاستعاض بأشعار حكاية الليالي أشعاراً من بنات أفكاره، تثبت بلا جدال بأنه شاعر مفلق. والتزاماً بمفردات رؤيته لم يقتصر القباني على الشعر وحده في تعضيد هدفه المسرحي، بل استخدم النثر في عبارات إسلامية معبرة في بداية حوار الشخصيات، أو في ختامها، لتكون استهلالاً حسناً، أو ختاماً تتعلق به نفس المشاهد فيرسخ في وجدانه، محققاً بذلك الهدف المنشود من رؤيته المسرحية. ومثال على ذلك : " سبحان من لا يغفل "، أو " سبحان من تنزه عن الرقاد"، أو " إنّا لله الذي لا يدوم سواه "، أو " الصبر مفتاح الفرج ".
        والملاحظ أن الجمهور المصري عام 1884م، شاهد - من خلال عرض القباني الأول - فناً جديداً غير مألوف به غناء يُؤدى بصورة جماعية في حركات تعبيرية تمثيلية راقصة! ولكن الرقص المقصود هنا ليس رقص الغوازي الخليع - المعارض لرؤية القباني - بل هو رقص محتشم رزين، مسموح به، ومعروف في سورية باسم (رقص السماح)، الذي يرجع الفضل إلى القباني في إدخاله لأول مرة إلى مصر من خلال عروضه المسرحية. وبذلك يكون عرض (أنس الجليس) نموذجاً لنواة المسرح الاستعراضي، وصورة للأوبريت العربي، وبداية ناجحة للمسرح الغنائي العربي في مصر.
        أما المسرحية الثانية التي ألفها القباني وعرضها في مصر، فكانت مسرحية (عنترة)، التي سار في نهج كتابتها - على منوال ما قام به في (أنس الجليس)، حيث أعاد تأليفها - معتمداً القصص الشعبية، التي كانت تُروى في المجالس والمقاهي السورية، التزاماً بعرض الموضوعات التراثية. والطريف أن القباني لم يعرض المعروف عن عنترة، مما تعوّدت على رؤيته الجماهير، من غرامه بعبلة، أو قصة تحريره من العبودية .. إلخ، بل جاء بما لم يكن في حسبان الجماهير مشاهدته! حيث عرض أحداثاً عن عنترة بعد أن أصبح حراً، وزوجاً لعبلة.
        وموضوع مسرحية عنترة للقباني، يدور حول الأمير مسعود أمير اليمن، الذي يرى عبلة فيقع في غرامها، فيطمع فيها لنفسه مستغلاً عهداً أقامه مع قبيلة عبس، على الرغم من علمه بأنها زوجة عنترة. وتصل وقاحة هذا الأمير إلى أن يطلب من قبيلة عبس إحضار عبلة إليه، بعد أن أشاع أنها تزوجت عنترة رغماً عنها. وأمام هذا الطلب الغريب، يثور عنترة وبعض أعيان قبيلته، فيغيرون على الأمير مسعود ويرديه عنترة قتيلاً، من أجل شرفه وشرف قبيلته. ولكن القتيل قبل موته، حرّض القبائل المتحالفة معه ضد عنترة وقبيلته. وتنتهي المسرحية بالاستعداد لهذه المعركة الكبرى، بعد أن جاءت بشارة النصر لعنترة، عند ما توافدت جيوش القبائل المتحالفة معه ضد القبائل المعادية الأُخرى.
        وتبعاً لمنهج القباني في تحقيق هدف رؤيته المسرحية، وجدناه قدّ وشّى جيد عمله هذا بأشعار من نظمه دلّت على موهبته الشعرية الكبيرة، حيث لم يستعن بأشعار عنترة المعروفة إلا في القليل النادر، واستطاع أن يتمثل عنترة في مشاعره، وألّف أشعاراً أدخلها في نسيج أبيات عنترة، بحيث يصعب على القارئ تمييز أبيات القباني عن أبيات عنترة. ويُضاف إلى ذلك كثرة ألحان القباني المتنوعة في المسرحية، التي ألقيت بصورة فردية، أو ثنائية، أو جماعية، من خلال الإلقاء الغنائي الموسيقي التعبيري الحركي المصاحب لحركات رقص السماح.
        وكانت مسرحية (ناكر الجميل) ثالث عروض القباني المسرحية المؤلفة في مصر، وهي بسيطة الموضوع، سهلة التناول الفني، حيث تدور حول (حليم) بن الوزير، الذي يعطف على غريب يُدعى (غادر)، فيحسن إليه ويتآخى معه ويقاسمه الجاه والمال والميراث، وذلك من فرط حُسن أخلاق حليم. ولكن هذا الغادر، قابل الإحسان بالخسة والدناءة، ونوى قتل حليم، ليفوز بكل شيء. وبحادثة غير مقنعة يقتل غادر حبيباً بن الملك قسطنطين، بدلاً من حليم بن الوزير. وعند ما أراد الشرطي القبض على غادر القاتل، نجد حليماً يخفي أداة القتل - الخنجر - داخل ملابسه، فيستغل غادر الفرصة ويخبر الشرطي بأن حليماً هو القاتل، والدليل أن الخنجر مخبأ في ملابسه. وبذلك يُتهم حليم ويحكم عليه الملك بالموت. وقبل تنفيذ الإعدام، يقوم الوزير - والد حليم - برشوة السيّاف، الذي يُبقي على حياة حليم، دون علم الملك. وفي الليلة نفسها يحلم الملك حلماً مفزعاً، يظهر فيه شبح ويخبر الملك بأنه ظلم حليماً، وأن القاتل الحقيقي هو غادر. وفي الصباح يروي الملك الحلم للسياف، الذي تطوع لاكتشاف الحقيقة. وبالفعل تنجح خطة السياف، عند ما استمال غادراً إلى جانبه، وجعله يفضي بما في ضميره من أسرار، حيث اعترف غادر بأنه القاتل الحقيقي، وهنا يظهر الملك ويواجه غادراً باعترافه، ويحكم عليه بالموت، ويُبدي ندمه على موت حليم المظلوم، فيخبره السياف بأن حليماً مازال حيّاً. ووسط فرح الجميع بنجاة حليم، وعقاب غادر، نجد حليماً - بخُلق حميد لا مثيل له - يستعطف الملك كي يعفو عن غادر، وتنتهي المسرحية نهاية سعيدة للجميع.
        هذه المسرحية يُرجح أنها أول مسرحية يقوم القباني بكتابتها - أو بالأحرى تأليفها - من غير الاعتماد على أصل تراثي معروف لها، رغم شيوع روح (ألف ليلة وليلة) في أحداثها، دلالة على وضوح مفردات الرؤية في ذهنه منذ بداية كتاباته المسرحية. وهناك أسباب منطقية عديدة لاعتبارها أولى كتابات القباني المسرحية، منها أسلوب الكتابة في شكله الخارجي الذي يميل إلى الشكل الروائي (القصصي)، أكثر من ميله إلى الشكل المسرحي، حيث تداخل السرد مع الحكي مع الإرشادات المسرحية، من غير فواصل محددة للمناظر أو المشاهد، التي أطلق عليها القباني فيما بعد في مسرحياته الأخرى اسم (وقائع).
        أما الصياغة الشعرية في المسرحية، فالقباني لم يكن في مستواه المعهود، الذي رأيناه في مسرحياته السابقة، مما يُشير إلى أن (ناكر الجميل) كانت بداية مبكرة لممارسته الكتابة المسرحية، ونظم أحداثها شعراً. فالقباني لم ينظم أشعاراً من تأليفه، بقدر ما اقتبس من أشعار الآخرين ! كما أنه لم يستخدم أسلوبه المتبع في دمج تآليفه الشعرية، داخل نسيج أبيات الآخرين المقتبسة. ويمكن تفسير ذلك بأن كثرة اقتباساته الشعرية مرجعها أنها أبيات صارت - في الأدب العربي، ووجدان شعوبه - حكماً وأمثالاً، وأقوالاً مأثورة، وكأنها إرشادات تقويمية وعظية للنشء. ولهذا السبب لم تقم الفرق المسرحية الأخرى بتمثيلها بقدر ما قامت المدارس بعرضها على تلاميذها، لما فيها من أمور تربوية تعليمية، ناهيك عما فيها من محفوظات شعرية، تمد الطالب بذخيرة لغوية أدبية، تعينه على الإنشاء السليم، وهذه الأمور تدخل في صميم مفردات رؤية القباني المسرحية. ومن هذا المنطلق التربوي التعليمي، أصبحت هذه المسرحية درّة العروض المدرسية المسرحية في مصر من عام 1897 إلى عام 1916م.
        المسرحية الرابعة، كانت (الأمير محمود نجل شاه العجم)، وتدور أحداثها حول الأمير محمود، الذي أحب فتاة مرسومة على ورق ممدود، فعقد العزم على السفر في أرجاء المعمورة، بحثاً عن صاحبة الصورة. فيصل الهند ليجد جيوش أبيه تقف لها بالند، تحاول غزوها، فيتدخل لإنقاذ مليكها. فيحاول ملك الهند ردّ الجميل، بجميل أفضل من الجميل، في مساعدته على إيجاد صاحبة الصورة، وذلك بتعليقها معروضة، على باب حمّام الغرباء، ليراها كل قادم من الأنحاء، لعله يتعرف علي صاحبتها الحسناء. وبعد وقت ليس بالقصير، يرى الصورة شاب فقير، فيغمى عليه في الحال، بعد أن ظهر السر المحال. فهو كان يحب هذه الفتاة منذ حين، فهي ابنة ملك الصين، تدعى زهر الرياض، ولكن والدها أبعده عن البلاد. وبذلك عرف الأمير محمود، مكان الأميرة المقصود. فرحل إليها وهو نشوان، ليجدها مقيدة بحبائل شيطان، فيستعين بقدرته السحرية، على إنقاذ أميرته الصينية. فيقتل الشيطان، ويبتهج الخلان، ويفوز بالأميرة المصونة، صاحبة الصورة الميمونة.
        وهذه المسرحية كانت الأرقى أدبياً وفنياً من سابقاتها. وهذا الرقي يتناسب مع خبرة القباني، حيث شعر بأن الجمهور يميل إلى قصص الغرام المستوحاة من التراث العربي، مستمتعاً بما فيها من أشعار وألحان وموسيقى، فاستغل هذا الميل لصالح رؤيته بصورة أدبية، فألف موضوعاً تبنى فيه فكرة الحب العفيف، والحث على عدم الاستسلام، ووصول الإنسان إلى مبتغاه بالجدّ والعمل، ومحاربة الظلم والقهر في صورة الشيطان. وهذه الأمور في مجملها تخدم رؤيته، وتحقق هدفه في ظل إحياء التراث.
        أما الرقي الفني المقصود في هذه المسرحية، فقد تمثل في قدرة القباني على تطويع أدوات منهج رؤيته، حيث زخرف موضوعه بأشعاره الجيدة، المناسبة للسياق الدرامي، مُقلاً في اقتباسه من الآخرين، حيث اقتبس أربعة عشر بيتاً من أشعار: ابن حزم الأندلسي، وأبي العتاهية، وابن قلاقس، وقيس بن الملوح، وهدبة بن الخشرم، وأبي الشمقمق، وأبي فراس الحمداني، وأمين الجندي، مقابل نظمه 175 بيتاً من تأليفه. كذلك برع القباني في إظهار قدراته الأدبية في هذه المسرحية - التزاماً بمفردات رؤيته - من خلال ظاهرة امتلاكه لوفرة المرادفات للفظة الواحدة. فعلى سبيل المثال نجد الأمير محمود يشرح للوزير معنى الحب أو الغرام، قائلاً : ".. له مراتب ولوازم وأسماء، تستعبد الأحرار وتذل الأعزاء. فمنها: الهوى والعشق والجوى والوله والكلف والتتييم والتتييه والتبل والشغف والتوله والصبابة والمقة والوجد والهيام والشجن والتبريح والفتون والآلام والأرق والجنون والأنين والكمد والاحتراق والنحول والإصفرار والذل والإهانة ...." إلخ.
        كانت مسرحية (لباب الغرام) هي خامس عروض القباني المسرحية المؤلفة في مصر، وتدور حول ملك اليونان متريدات، الذي يشن حرباً على روما انتقاماً لمقتل والد خطيبته (مونيم). وتأتي الأخبار بأنه مات في المعركة، فيحضر ابنه (فرناس) - أمير إحدى المدن - محاولاً الاستيلاء على الحكم، وإجبار (مونيم) على الزواج منه، ولكنها ترفض. كما يحضر الابن الآخر (إكسيفار) - أمير إحدى المدن النائية - حزيناً على والده، ممنياً النفس بالزواج من (مونيم) التي أحبها في الماضي، وعند ما علم بأن أباه خطبها، آثر البُعد. وتدور مناقشة محتدمة بين الشقيقين حول أحقية فرناس بالحكم، ومحاولة إكسيفار ثنيه عن عزمه هذا، فتتدخل مونيم في النقاش، وتنكشف عاطفتها تجاه إكسيفار. وفي هذا الوقت تأتي أخبار بأن الملك مازال حياً. وعند ما يعود الملك يعرف من وزيره ما دار بين ابنيه ومونيم، فيزج بهم جميعاً في السجن. وبعد فترة يعفو الملك عن فرناس، الذي جهز جيشاً وتمرد على أبيه، وانضم إلى أعدائه، وقرر قتل الجميع ليفوز بالمُلك. وفي الوقت نفسه يهرب إكسيفار مع مونيم من السجن. وبعد عدة أحداث ينجح الأب في قتل ابنه فرناس لخيانته، ولكن جيش الأعداء كاد يهزم متريدات، فخشى الملك من الوقوع في الأسر ذليلاً، فحاول قتل نفسه، في الوقت الذي يظهر إكسيفار وينتصر على الأعداء وينقذ والده. وبهذا الفعل يتأكد الملك من شجاعة ابنه إكسيفار فيتنازل له عن العرش وعن خطيبته، وتنتهي المسرحية نهاية سعيدة.
        وهذه المسرحية كتبها القباني متأثراً بمسرحية (الملك متريدات) لراسين - من خلال اطلاعه على تعريب للمسرحية، قام به سليم تقلا كما نرجح - مع ملاحظة أن عرض هذه المسرحية من قبل القباني، لا يُعتبر خرقاً لتوجهه في إحياء التراث العربي، لأنه حوّل معانيها إلى أوبريت جيد في نثره وشعره، وفق مفردات رؤيته المسرحية، لما وجده في النص الأصلي من معانٍ صالحة للعرض أمام الجماهير، تتفق مع موضوعاته التراثية السابقة، بما فيها من أحداث تاريخية إيجابية لتمثلها من قبل المشاهدين، أو سلبية لتجنبها من قبلهم، مثل: الشجاعة، والمروءة، والحب العفيف، والإخلاص، والوفاء، والغدر، والخيانة، والخسة، والدناءة .. إلخ وبالتالي يضمن القباني تحقيق هدف رؤيته.
        وإذا كان القباني أثبت قدرته الشعرية في أعماله السابقة، فهو في (لباب الغرام)، تفوق على نفسه، وأظهر مهارة شعرية ملحوظة - تُضاف إلى مهارته في تطبيق منهج رؤيته - حيث لم يقتبس سوى بيتين فقط من الصاحب بن عباد، مقابل نظمه لأكثر من ثلاثمائة بيت، خلافاً لعشرات الأبيات التي كُتبت بأشكال مختلفة من الشطرات الثلاثية والرباعية والخماسية، التي تدخل في جنس الموشحات. وهذا الكم الهائل من النظم، كان موجهاً نحو ترسيخ مفردات رؤيته، آملاً تحقيق هدفه، حيث دارت هذه الأشعار حول معاني المسرحية المتنوعة - السابق ذكرها - من : شجاعة، ومروءة، وحب وإخلاص..إلخ، مما يعني تمسك القباني بمبدأ حركة الإحياء في مواجهة الثقافة الغربية بالثقافة العربية، عند ما حول معاني راسين إلى أشعار عربية أصيلة. ومن ابتكارات القباني الكتابية في هذه المسرحية - التي تدخل ضمن تنوع أدوات منهجه - أنه كان يمزج - في الحوار المسرحي - النثر بشطرتي الأبيات العمودية، ثم بشطرات الموشحات - الثلاثية، أو الرباعية، أو الخماسية - مزجاً فنياً متوافقاً في معانيه ومضامينه للتعبير عن الأحداث. وهو شكل جديد لم نعهده في الكتابات المسرحية السابقة أو اللاحقة لكتابات القباني.
        المسرحية السادسة، كانت (عاقبة الصيانة وغائلة الخيانة)، التي عرضها القباني بأسماء أخرى، منها : (عاقبة الصيانة)، أو (عاقبة الصيانة والخيانة)، أو (عفيفة)، وظل يمثلها عشرات المرات حتى عام 1899م. وأحداثها تدور حول قيام الأمير (علي) بمناصرة الأمير زهير، ضد أعداء الأخير. ويترك الأمير علي الحُكم وزوجته (عفيفة)، في يد نائبه (سليم). ولكن سليماً خان العهد، وبدأ يراود عفيفة عن نفسها، ولكنها أبت ووبخت سليماً توبيخاً شديداً. فأسرها في نفسه، وقرر الانتقام منها بعد أن أنجبت ولداً من الأمير علي في أثناء غيابه. فأرسل سليم خطاباً إلى الأمير يبلغه فيه بأن زوجته عفيفة زنت وأنجبت ولداً من السفاح، فأرسل له الأمير رداً مكتوباً، يأمره فيه بقتل عفيفة وابنها. فيقوم سليم بتسليم عفيفة إلى السجّان كي ينفذ فيها الحكم في الصحراء. وبعد عودة الأمير علي يكتشف خدعة سليم ويتأكد من عفاف عفيفة وأنها صانت شرفه وغيابه، وعبثاً حاول الأمير التكفير عن ذنبه، خصوصاً بعد أن سمع بموت زوجته. ولكن السجان يخبره بأنها مازالت على قيد الحياة، وتعود عفيفة إلى زوجها وابنها، وتنتهي المسرحية نهاية سعيدة كالمعتاد.
        وهذه المسرحية كتبها القباني - وفق مفردات رؤيته المسرحية، وتوجهه في إحياء التراث - بالأسلوب نفسه الذي اتبعه في بقية مسرحياته، حيث ألفّ قطعها الشعرية والغنائية، مع تضمينها الكثير من أشعار الآخرين، المناسبة لمعاني رسالته، أمثال: المتنبي، وعنترة، والبهاء زهير، وبشار بن برد، وابن الرومي، وأبي هلال العسكري، وابن المعتز، والسموأل، والثعالبي، وأبي ذؤيب الهذلي، وأبي نواس، وعروة بن حزام، والقطامي التغلبي، والمعري، وصالح بن عبد القدوس، وكمال الدين بن النبيه، وحسن حسني الطويراني، وعمر اليافي، وعمر الأنسي، وحنا الأسعد.
        ومن اللافت للنظر أن مسرحية (عفيفة)، هي الوحيدة المطبوعة للقباني حاملة تفاصيل الألحان بمصطلحاتها الموسيقية، مثل : مقام حجاز دوكاه - أصول نوخت، أو أصول سربند، أو أصول مصمودي، أو مقام شاهناز الحجاز - أصول مدور .. إلخ. وهذا راجع إلى قيام كامل الخلعي بتلحين بعض أجزائها، وإشرافه على نشرها والتقديم لها. ومما يجدر ذكره في هذا المقام، أن معظم الألحان المذكورة في المسرحية، مطبقة على الأشعار والتواشيح المؤلفة من قبل القباني، مما يعني أن القباني كان لا يلحن القطع الشعرية المقتبسة من آخرين إلا نادراً. وهذا الأسلوب يبين لنا مدى إحساسه الموسيقي أمام كلمات القصائد والأغاني، ومدى تمكنه من صياغة الأشعار والكلمات المؤلفة بإحساسه الأدبي، لتنسجم مع الألحان النابعة من إحساسه الموسيقي. بعكس معاناته في انسجام ألحانه النابعة من وجدانه الموسيقي مع الكلمات النابعة من وجدان الآخرين. وهذه المعاناة تبرر لنا قيامه بكثير من التبديل والتعديل والحذف والإضافة في الأشعار المقتبسة من آخرين، والتي تشكل معظم أغاني مسرحياته. وهذه الأمور في مجملها توضح لنا قدرة القباني في امتلاك أدوات منهجه المسرحي، وتوظيفها خدمة لرؤيته المسرحية.
        أما مسرحية (هارون الرشيد مع الأمير غانم بن أيوب وقوت القلوب)، فكانت المسرحية السابعة التي ألفها القباني وعرضها في مصر، وتدور أحداثها حول غيّرة زبيدة زوجة هارون الرشيد من الجارية (قوت القلوب)، فدبرت حيلة للتخلص منها، في أثناء رحلة صيد لهارون الرشيد، حيث قامت بتخدير الجارية ووضعها في صندوق، وطلبت من عبيدها وضعها في قبر بعيد، بعد أن بنت قبراً في القصر مدعية بأنه قبر الجارية قوت القلوب. وعلى مقربة من القبر كان يقف التاجر غانم بن أيوب، الذي أرتاب مما في الصندوق، وبعد رحيل العبيد فتحه فوجد فيه الفتاة الجميلة مغشياً عليها. وبعد أن عادت إلى رشدها طلبت منه الذهاب إلى بيته، وقصت عليه قصتها. وبعد أن قضت عدة أيام مع غانم، وقعت في حبه، كما وقع في حبها. وعلى الجانب الآخر نجد هارون الرشيد يعود من رحلته ويفاجأ بخبر موت قوت القلوب فيبكيها بكاءً حاراً، فتشفق عليه إحدى الجواري وتخبره بالحقيقة، وأن قوتاً مع غانم، فيصدر أمره بالقبض على قوت وقتل غانم بن أيوب. وبعد عدة أحداث تنكشف الأمور جلية أمام هارون الرشيد، الذي يتحقق من براءة قوت وصدق حبها لغانم، فيوافق على زواجهما، بعد أن تعجبة (فتنة) شقيقة غانم فيطلبها زوجة له، وتنتهي المسرحية نهاية سعيدة.
        وهذه المسرحية كتبها القباني معتمداً في صياغتها - وموضوعها - على حكاية (التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة)، من حكايات (ألف ليلة وليلة)، وهي تستغرق من الليلة الثانية والخمسين إلى الليلة الستين. بعد أن خلّصها مما يشينها من العبارات غير اللائقة، والإيحاءات غير الأخلاقية، والكلمات الفاضحة ... إلخ ما يتنافى مع الشريعة الإسلامية، وما يتعارض مع العادات العربية وتقاليدها، وما يناقض مفردات رؤيته المسرحية، ويعيق تحقيق هدفه، وفق مبدأ حركة الإحياء بإظهار التراث في صورة مشرقة.
        ومما يُحسب للقباني في كتابته لهذه المسرحية - وفق أدوات تطبيق منهج رؤيته - أنه لم يقتبس بيتاً واحداً من أبيات حكاية الليالي، واستعاض عن ذلك بكثير من أشعاره المؤلفة، وبقليل من أشعار القدماء والمعاصرين المقتبسة، أمثال : قيس بن ذريح، وطرفة بن العبد، وليلى الأخيلية، وابن الرومي، ومحمد بن داود الظاهري، وأبي العتاهية، والمفتي فتح الله، والأفوه الأودي، وعلي بن الجهم، وحسام الدين الحاجري، وكمال الدين بن النبيه، وعائشة التيمورية. ومن الثابت لدينا أن القباني - في تطبيق منهج رؤيته - كان يتأنى في صياغة أعماله المسرحية، ويتأمل في اقتباساته الشعرية، بحيث يكون الاقتباس مناسباً للموقف الدرامي، دالاً عليه دلالة قوية، مؤثراً في جمهوره تأثيراً وجدانياً، تحقيقاً لهدف رؤيته. فإن كان الاقتباس لا يفي بذلك، قام القباني بتطويعه بصورة فنية شعرية، حتى يجعل العمل دالاً وفق رؤيته الدرامية.
        هذه المسرحيات وغيرها، عرضها القباني في مصر منذ عام 1884 إلى أن احترق مسرحه في مايو 1900م! ورغم ذلك لم تحترق رؤيته المسرحية، التي تبنتها الفرق المسرحية الأخرى بعد وفاته عام 1903م. فمسرحيته (عنترة العبسي) استمر عرضها حتى عام 1906م، من قبل : فرقة إسكندر فرح، وفرقة سليمان القرداحي، وفرقة يوسف الخياط، وجوق السرور، وجمعية الرابطة الأخوية الإسلامية. ومسرحيته (ناكر الجميل) ظلت تعرضها المدارس والأجواق حتى عام 1916م. ومسرحيته (أنس الجليس) ظلت تُعرض على المسارح المصرية حتى عام 1923م، من قبل: فرقة إسكندر فرح، وفرقة سليمان القرداحي، وجوق السرور، وفرقة الشيخ سلامة حجازي، وجوق أبيض وحجازي، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة أولاد عكاشة.
        واستمرار عروض بعض مسرحيات القباني طوال عقدين من الزمان بعد وفاته، لأكبر دليل على إيمانه برؤيته المسرحية، وثقته في تحقيق هدفها المنشود في ظل حركة إحياء التراث العربي. فهذه الرؤية كانت صادقة في صياغتها، سامية في معانيها، نابضة بحسّ ممثليها، محققة آمال مشاهديها، معبرة عن متطلبات معاصريها، متوافقه مع تراث مُحيّيها. رحم الله القباني صاحب الرسالة المسرحية، قائد حركة إحياء التراث العربي في المسرح.
        كلمة .. يجب أن تكون إطاراً لصورة القباني السابقة، بوصفه صاحب رؤية، وقائداً لحركة الإحياء في المسرح. هذه الكلمة تتمثل في عبارة واحدة تقول : القباني هو الفنان الشامل الرائد المؤثر في بدايات تاريخ المسرح العربي في مصر! وهذه العبارة أقولها من غير مجاملة، أو شعور بالعاطفة نحو شخصية أكتب عنها، لأن معطيات الواقع الفني تبررها، وحقائق التاريخ تؤكدها، والمنطق العقلي يقبلها.
        القباني كان صاحب الفرقة، وكاتبها، ومخرجها، وبطلها، وملحنها، ومطربها! من كان مثله من المسرحيين باستثناء صنوع المشكوك في نشاطه وريادته؟ حتى ولو ظهر الدليل - الذي لم نعثر عليه حتى الآن - على نشاط صنوع المسرحي، لن نجد دليلاً يثبت أنه كان مطرباً أو ملحناً، وبالتالي تنتفي منه صفة الشمول. وهذه الصفة تنتفي أيضاً من جميع أصحاب الفرق المسرحية العربية طوال القرن التاسع عشر في مصر! فسليم النقاش لم يكن مطرباً أو ملحناً، وكذلك يوسف الخياط، وسليمان الحداد، وسليمان القرداحي، وإسكندر فرح، وميخائيل جرجس.
        أما كون القباني رائداً مؤثراً في المسرح العربي، فهذه نتيجة منطقية؛ لأن المقصود بالتأثير الاستمرار، وليس البداية الريادية، بوصفها الأول في الترتيب. ومن خلال هذا المعنى، يصبح القباني رائداً مؤثراً، لأن فرقته استمرت في مصر (16) ستة عشر سنة من 1884 إلى 1900م، وهي أطول فترة زمنية من جميع الفرق المسرحية التي عملت قبله أو بعده بصورة مستمرة. ففرقة سليم النقاش لم تكمل سنتها الأولى. وفرقة يوسف الخياط، التي خرجت من عباءة النقاش، استمرت (11) إحدى عشرة سنة. وجوق السرور لميخائيل جرجس، استمر (12) اثنتى عشرة سنة. وفرقة إسكندر فرح - التي تشكلت من ممثلي القباني - استمرت (14) أربع عشرة سنة. وفرقة سلامة حجازي - التي تشكلت من ممثلي إسكندر فرح - استمرت (12) اثنتي عشرة سنة.
        وإذا كانت ريادة القباني مؤثرة في قيادته لفرقته طوال هذه الفترة، فهي مؤثرة أيضاً في ريادته للكتابة المسرحية التراثية. فمن غير القباني كتب ومثّل أكثر من عشرين مسرحية عربية فصيحة - نثراً وشعراً - مستلهماً فيها التراث العربي؟! لا يوجد .. فمعظم الفرق المسرحية كانت تُمثل المسرحيات المترجمة والمعرّبة، وكذلك كان شأن الكُتّاب، يترجمون أو يُعرّبون! وريادة القباني المؤثرة في قيادته لفرقته، وكتابته للمسرحيات التراثية، وتمثيلها .. يُضاف إليها أيضاً ريادته المؤثرة في المسرح الغنائي ! فمن قبل القباني قدّم مسرحيات غنائية كاملة متكاملة مستمرة ؟! لا يوجد .. فقد حاول قبله سليم النقاش، وسليمان الحداد، وسليمان القرداحي .. ولكن تجاربهم لم تكتمل. وعند ما نجح وتفوق عليه إسكندر فرح - ساعده الأيمن - بمساعدة سلامة حجازي، كانت ريادة المسرح الغنائي كُتبت باسم القباني. وآخر ريادة مؤثرة تُحسب للقباني، هي ظهور بواكير المسرح الاستعراضي على يديه، عند ما أدخل - ولأول مرة - رقص السماح في المسرح المصري. وهو لون استعراضي لم ينافسه فيه أحد !
        هكذا كان أحمد أبو خليل القباني الأديب، الذي أحيى التراث العربي في مسرحياته بصورة مشرقة، وأسس مسرحاً عربياً مُطبقاً فيه رؤيته لحركة الإحياء في المسرح. إنه القباني البليغ، الذي التزم الفصحى في كتاباته وعروضه؛ لتكون صداً منيعاً ضد مروجي العامية. إنه القباني الشاعر، الذي عبّر بشعره المسرحي عن خلجات النفس، وابتكر فكرة التبييت في الشعر، ومزج النثر بالشعر بالموشحات في حواره المسرحي، واقتبس النماذج الشعرية المتألقة من تراثنا العربي الأصيل؛ لتكون أسلوباً تربوياً تعليمياً مؤثراً في جمهوره، وأعاد صياغة أشعار الآخرين وفق رؤيته المسرحية، فنثر الشعر، ونظم النثر. إنه القباني الأستاذ، الذي تأثر بكتاباته المؤلفون، وبعروضه المسرحيون. إنه القباني الفنان، الذي عرّفنا برقص السماح. إنه القباني المُنظّر، صاحب تنظير الرؤية المسرحية ومطبقها .. إنه القباني المُلحن الموسيقي الكبير .. حامل لواء إحياء التراث في المسرح العربي.
الموضوع الأصلي من موقعي الشخصي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق